نقلا عن المركزية –
يبدي الروس اصرارا قويا على تشكيل حكومة في لبنان. هم يتبنّون المبادرة الفرنسية ويتمسكون بشروطها ايضا، من حيث طبيعة الحكومة ومهمّتها، وإن أبدوا مرونة اكبر من تلك التي يُظهرها الغربُ والعرب، حيال حجمها و”استقلالية” وزرائها. الاهتمام هذا، ليس فقط نابعا من حرصهم على لبنان ومصالحه. هم بالطبع يخافون عليه وعلى اهله، الا ان هذا الحرص مرتبط ايضا بحسابات روسيا الاقليمية. فبحسب ما تقول مصادر سياسية مطّلعة لـ”المركزية”، تفاعُل روسيا مع الملف اللبناني عموما ومبادرة الرئيس ايمانويل ماكرون، خصوصا، له صلة بالملف السوري الذي يعتبر قضية “استراتيجية” لروسيا.
فموسكو، تخشى ان يؤثّر الانهيار الاقتصادي والانفجار الاجتماعي في بيروت، اذا ما اشتدّا، على الاوضاع في سوريا. هذا القلق، تكشف المصادر ان وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف وضع الرئيس المكلف سعد الحريري منذ اسابيع، ومن بعده وفد حزب الله الذي زار روسيا، في صورته، قائلا ان الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي يجب تدعيمه في لبنان، لانه اذا اهتزّ، فإن التوتر قد يعود الى سوريا، لتنشط من جديد، وبقوة اكبر، حركة المهربين والعصابات والارهابيين بين البلدين، نظرا لترابطهما جغرافيا، فتتحول مرافقهما الحيوية بؤرا امنية ومنطلقا لعمليات تهز امن الدولتين والجوار.
من هنا، تضيف المصادر، تضغط روسيا بقوة على حلفائها “المفترضين” في لبنان، للاسراع في تشكيل الحكومة، كون هذه الخطوة ستنعكس ايجابا على سوريا ايضا.
على اي حال، تُعتبر الحكومة اللبنانية جزءا اساسيا من “بازل” التسوية الكبرى التي تحاك على نار هادئة للمنطقة ككل. وهذه التسوية تلحظ ايضا إبعاد النفوذ الايراني عن سوريا، وتاليا سحب الجمهورية الاسلامية مقاتليها منها وعودة حزب الله بعناصره، الى لبنان. واذ تلفت الى ان هذه النقطة الحساسة كانت مدار بحث معمّق بين لافروف ووفد الحزب، تشير المصادر الى ان الحل السوري العتيد لم يَحسم مصيرَ الرئيس بشار الاسد، ذلك ان بقاءه في منصبه عقب الانتخابات الرئاسية المنتظرة خلال اسابيع، رهنٌ ايضا باعلانه الطلاق مع ايران وبفك ارتباطه العضوي بها وبكسر ولائه لها، في مقابل التصاقه من جديد، بالأُسرة العربية وخياراتها.
هذه البنود التي تنسّقها بعيدا من الاضواء، موسكو مع تل ابيب، والتي ليست واشنطن بعيدة منها، بل على العكس، لم تُرضِ الحزب ولا طهران، تتابع المصادر. وللغاية، رأينا الضاحية تتشدد من جديد في شأن التأليف محليا، وقد عادت لتطالب بحكومة تكنو – سياسية منقلبة على جوهر المبادرة الفرنسية. ومن بعد هذا الموقف، سمعنا كلاما ايرانيا واضحا ومباشرا، يرفض ايضا المبادرة، أتى على لسان المساعد الخاص لرئيس مجلس الشورى الإيراني حسين أمیرعبد اللهیان الجمعة الماضي.
فاذا كان الحزب الحلقة الاضعف في اللعبة السورية، ويخشى ان يكون كبش المحرقة في التسوية المنتظرة، فإن الضاحية ومعها ايران، لن تقبلا الا ان يُؤمًّن للحزب تعويض في السياسة اللبنانية، مقابل انسحابه من سوريا. هذا التعويض قد يكون بمكاسب جديدة واضافية له في التركيبة المحلية وفي الحصص والمناصب المخصصة للطائفة الشيعية في الميزان الداخلي. وحتى اتضاح طبيعة التسوية المرتقبة وصورتها، يبدو ان الحكومة ستظلّ معلقة على الخشبة، تختم المصادر.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.