نقلا عن المركزية –
تقترب ذكرى 13 تشرين 1990 الحزينة من تاريخ لبنان والتي لا تنتسى، مع مرور 31 عاماً على حدوث تلك المعركة بين العماد ميشال عون، الذي كان يترأس حينها الحكومة الانتقالية والجيش السوري، فيعود الزمن الى ذلك اليوم الشهير، الذي قلب الاوضاع رأساً على عقب، والسؤال ما الجدوى من العودة بالذاكرة الى ذلك اليوم، بعد ان تغيّر كل شيء، وإستُجدت اوضاع لم تكن في الحسبان، بحسب ما يشير المشهد السياسي في البلاد، فماذا بقي من تلك الذكرى سوى التمنيات، بأن تكون هذه المناسبة اليوم وقفة إجلال وصلاة فقط من أجل كل الشهداء الذين سقطوا؟
تاريخ 13 تشرين الأول، شكّل نقطة فاصلة في التاريخ اللبناني عامة، والتيار الوطني الحر خاصة، فحينها كانت الشعارات والمبادئ مغايرة كليّاً، الى ان إنقلبت المقاييس ومعها خلطت الاوراق السياسية، حتى انتجت تحالفات غربية عجيبة، فلم يعد التيار يشبه نفسه، وهو الذي كان ينادي بشعارات إستقطب من خلالها اغلبية المسيحيين، حتى باتت اليوم حبراً على ورق، بحسب ما يرى معارضون في التيار الوطني الحر، ويشدّدون على ضرورة عودته الى أصالته، لانّ التيار لطالما نادى وناضل من اجل تحقيق مبادئه، لكن بعد سنوات بات في وضع لا يُحسد عليه، وتحديداً منذ ان تولىّ رئاسته النائب جبران باسيل، فتراجعت شعبيته وبرز المعارضون ضمنه، لذا عليه اليوم إنقاذ نفسه من خلال عودته الى سابق عهده وقبل فوات الاوان، وبالتالي إعادة شعاره «تحقيق حقوق المسيحيين» بالفعل لا بالقول، لانه لم يعد في موقعه الطبيعي، المُنادي بالسيادة والحرية والاستقلال، وبسيطرة الدولة على كامل اراضيها، مع الحكم القوي وتطبيق شعار «العهد القوي»، الذي بقي مجرد كلمات عابرة لم تتحقق بعد، ربما لانهم لم يعرفوا كيفية إدارة هذا البلد، واعتماد الطرق الناجحة لوضعه على السكة الصحيحة.
وامل المعارضون بعودة التيار الوطني الحر سياسياً ونضالياً الى فترة التسعينات، حين كان من ابرز التيارات المدعومة من المسيحيين بقوة، لكن للاسف ما الذي حلّ به منذ سنوات؟ لم نعد نفهم على قيادته ونوابه ومسؤوليه، والمطلوب ان يكون التيار دائماً الى جانب الصرح في بكركي، خصوصاً ان البطريرك بشارة الراعي لطالما وقف الى جانب الرئيس ميشال عون، لكن وصول الوضع الى هذا الدرك الخطير والانهيارات والخلافات السياسية، ووضع الشروط وغضّ النظر عن مواقف وقرارات البعض الاخر، التي يؤيدها التيار ولم يعد بإستطاعته التراجع عنها، ساهمت في خلق هذه الهوة مع بكركي، بالتزامن مع وضع لبنان ضمن دائرة الخطر الاكبر.
وفي اطار التحضير للذكرى، تشير المصادر الى انّ التيار اختار يوم 16 تشرين الاول لإحيائها، في مجمّع «ميشال المر الرياضي» في منطقة نهر الموت، على ان يشمل الاحتفال ايضاً إنتساباً للاعضاء الجدد، وكلمة نارية كالعادة لرئيس التيار النائب جبران باسيل، بالتزامن مع وضع سياسي واقتصادي ومالي متدهور، وهجومات بالجملة على العهد والتيار الوطني الحر، مع ما يتبع ذلك من صراعات داخلية على المواقع والمراكز، بحيث تبدو الساحة السياسية في خضم تشنجاتها وانقساماتها، مما يعني انّ كلمة باسيل ستصّب في كل الاتجاهات، وسوف تطال شطاياها الافرقاء السياسيّين بإستثناء القليل منهم.
وعلى خط خصوم الداخل، يبرز النائب شامل روكز الذي سيستذكر المناسبة الاليمة بالصلاة مع مناصريه، من خلال قداس الهي عن انفس الشهداء الذين سقطوا خلال تلك المعركة، وذلك في 13 الجاري في كنيسة الصعود في الضبيه، فيما يقوم «الحرس القديم» اي المجموعة التي ساهمت في تأسيس التيار الوطني الحر، بوقفة رمزية وإضاءة شموع، وإستذكار العسكريين الشهداء، امام ضريح الجندي المجهول في المتحف مساء هذا الاربعاء.
في الختام، تمّر المناسبة وفي القلب غصّة كما يقول المعارضون، فحتى إستذكار الشهداء بات منقسماً، فيما الوحدة مطلوبة اليوم، لانها تنتج قوة لا يستهان بها، لذا نأمل ان يعي البعض ويعترف بأخطائه، وبالتضحيات التي قدمناها وما زلنا نضحّي لغاية اليوم، مؤكدين بأنّ 13 تشرين سيبقى محفوراً في الذاكرة كعبرة، والافضل ان يكون يوم صلاة وليس يوم إحتفال، لانه لم يكن إنتصاراً…
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.