حوار شِلح أرز وسُعفَة نَخيل
بِقَلَم روني ألفا
ليبانون ديبايت اليوم
لم أزُر يوماً مملكةَ الخير. استقصد اعتماد الصفة هذه كعلامةِ استنكارٍ لمن استعملها تهكمًا وتندرًا. كلامُ وزير خارجية لبنان غير دبلوماسي. عندما تخطفُ أضواءُ الإعلام مسؤولاً غيرُ متمرسٍ ، يرتكبُ سلوكاً يقرَبُ الى الإسفاف. قضيةُ محاكمته في السياسة الداخلية أمرٌ آخر. عندما يقعُ النمرُ خائراً يهجمُ الجزارون كلٌّ بساطورهِ لينالَ كلٌّ منهم قطعةً من لحمه. جزّارونَ بلا أخلاق يتمرجَلون على نمرٍ خائر.
أفهمُ ألا يُقدِمَ وزيرُ خارجية لبنان على الإعتذارِ العلني. يشعرُ شربل وهبة انه محكومٌ بالإعدامِ السياسي . متملّقونَ يطلبونَ استقالتَهُ مقابلَ استسقاءِ رضى الأمير بن سلمان. لبنانيون منبطحون أمامَ أميرٍ يعرِفُ انهم منبطِحون. لا يصدقونَهُ القول ويعرفُ ذلك تماماً. يمضغون ريالاتِهِ ويفتشونَ عن مناسبةٍ لإرضائه. أحزابٌ وشخصياتٌ راهنَتْ عليها المملكةُ العربية السعودية فتبيَّنَ أن مونَتَها على القرار الوطني مثلُ مَونَةِ أبو ملحم على بايدن. شخصياتٌ فذّةٌ في لبنان بدأتْ والحالةُ هذه تستعملُ تبييضَ الطناجر. محاولةٌ جديدةٌ لإبتزازِ مملكةِ الخير.
يشعرُ اللبنانيون انهم يتعرضونَ لعقابٍ جماعي من السعودية. لا حاجةَ للإجتهاد على هذا الشعور وتحميلِهِ مضامينَ عدوانية. كاتبُ هذه المقالة كان وما زال يتمنى زيارةَ العتباتِ المقدسة في المكرّمة والمنوّرة حالما تسمحُ الشروط بذلك.
أن تُعترَضَ شحنةُ كبتاغون فينتابُنا شعورٌ بأن خمسين سنة من التبادل الزراعي بين البلدين مهددة أمرٌ ينطوي على تأويلات مقلقة . لا يمكنُ تصوّر السعودية تقاطعُ الشعبَ اللبناني. هذا مخيف ولم يحدث يوماً في تاريخِ العلاقاتِ الدولية. شعورٌ أخطر أيضاً. أن يشعرَ الناسُ العاديون أن شكلًا من أشكال الحرب تُعلَن عليهم. ليسَ بالصواريخ والدبابات إنما بقطع أرزاق الناس. أشك أن ولي العهد السعودي يقبل بأن تكون هذه الحرب احتمالاً وارِداً. الإعتراضُ شديدُ اللهجة على كلام وهبة نعم. في المقابل هناك حاجةٌ ملحةٌ لتطمينِ مئاتِ آلافْ اللبنانيين في السعودية أنهم في حمايةِ سلطةٍ حكيمةٍ وراعية. بياناتُ استنكار رجال الأعمال اللبنانيين تنمُّ عن خوفهم من فقدان أعمالهم في السعودية أكثر مما تنمّ على استنكارهِم لأقوال الوزير. على السلطات في المملكة أن تطمئنهم. لم يحدث ذلك.
باتَ واضحاً ان هناك فريق على وشك ان يعلِنَ انتصارَ خياراته في لبنان وآخَر يفتّشُ عن وسيلةٍ للتخفيفِ من آثارِ إخفاقه. فريقُ المقاومةِ من جهةٍ وفريقُ الرهانِ على أشكالٍ مموهةٍ من الإستعمارِ الجديد من جهةٍ أخرى. البعض ربما ينتظر ان تُقدِمَ اسرائيل على تعطيلِ مفاعيلِ الإنتصارِ الدبلوماسي في ڤيينا لخلطِ الأوراق من جديد. المملكة العربيةُ السعوديةُ والجمهوريةُ الإسلاميةُ في إيران قطعتا شوطاً كبيرًا ويتلمسان الأشواط الأخيرة. لن يسلكَ الريال السعودي طريقَه بعد اليوم لفرقاء في لبنان استعملوه للفتنة. تحديثُ السعودية على يد بن سلمان أفضلُ من تحديثِ منظوماتٍ بائدةٍ في لبنان.
عودٌ على بِدء. اعتذارُ وهبة مقابل إنحسار هذه العاصفة الرملية التي تكادُ تخنقُ أغلبَ اللبنانيين. لدينا أحباءٌ في الغربةِ يعملونَ في المملكة. يعيشونَ بفضلها نعم ولكنَّ المملكةَ تزدهرُ بفضلهم أيضاً. إستفادةُ بعضِ اللبنانيين من هبوبِ عاصفةٍ مماثلةٍ هو قتلٌ لمواطنينَ لبنانيين ويستوجبُ الملاحقة القضائية. غداً عندما تُعقَدُ التسويةُ السعوديةُ الإيرانيةُ ماذا يبقى من المَحاوِر اللبنانية الصغيرة؟ لا شيء. التسويةُ سترمي المراهنين واللاعبين الصغار. ماذا يبقى في لبنان اذا تمت التسوية السعودية السورية؟ ماذا يبقى بعد التسوية الأميركية الإيرانية؟ زمن التسويات سيكنّسُ الكثيرَ من المرتزقة. ينتهي دورهُم بانتهاءِ المواجهة. للتسويةِ أرباب. المنتصرون أربابها. الإنتهازيون وباعةُ الشعارات سيتوجَّبُ عليهم أخذُ الحيطةِ والحذر من الجيوبِ الهوائيةِ خلال طيرانِهِم الى وجهتهم الجديدة.
لا يهمنا كيف تُحكَمُ المملكة العربية السعودية. ما يهم ألا تظلِمَنا دولةً وشعبًا ومؤسسات لأن أحدَهم تلعثمَ على مذياعٍ أو تردَّدَ في مواجهةِ آلةِ تصوير. لا تُبنى العلاقاتُ بين الدول بالعقابِ الجماعي سيّما بين شِلح أرزٍ وسُعفةِ نَخيل.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.