حرمة الموت في يوميات إبن بطوطة الزوكيري
فادي بدر – ناشر الموقع
كيف لك وانت في عالم الضجيج الزوكيري أن تعالج موضوعا حساسا كحرمة الموت أو احترام الموتى. فعالم الكوفيد اليوم فرض علينا وعلى الكثيرين غيرنا تغيير معادلاتنا الاستبطانية في سبيل كون سريع ممزوج بأثير جمالية الصورة وتطبيقاتها الإيحائية فأصبحنا أسرى هذه الشاشة حتى في أكثر لحظات حياتنا هشاشة… هشاشة تتكسر على محراب التقدم فتنحو لتصبح نزعة تحاكم كل من يرفضها وتلعنه في مجاهل معاداة ….التطور.
من أمام شاشتي الصغيرة أذكر جيدا كيف كنا ونحن صغارا نقف مدهوشين أمام منظر غريب….جميع المحال في قريتي المتواضعة الرابضة على مدخل الشوف الأبي تقفل أبوابها عند مرور سيارة الموتى وأصحابها يقفون متسمرين احتراما لمن حمله صندوق خشبي الى ضفاف النيل الماورائي بعد أن أتم ما عليه في هذه الفانية البائسة. مشهد سوريالي يعود بأصالته الى عادات وتقاليد موروثة تحاكي باحترامها خشوع البخور المحترق من على مذابح الإنسانية.
تعالوا معي إلى عالم اليوم حيث أضحت الصورة ونشرها في عالم الشبكة العنكبوتية هوالمعيار الأساس للتقدم والإنصهار في بوتقة وسائل التواصل الإجتماعي. وهذا الإنصهار فعل فعلته ليصل الى أكثر الأماكن ضعفا وشخصنة وهو المكان الوحيد الذي نقف فيه لنعيد حسابتنا رغم جبروتنا الأرضي والكنوز السخيفة التى نكون قد جمعناها.
لا أريد بمقالتي هذه أن أتعدى على الحرية الشخصية لكل فرد فينا ذلك أن حريتي تقف عند حدود حرية الآخر ولكن ألا ترون معي أنه يجب علينا أن نترك حامل المذراة وفلسفة الفودو التي يتقنها جيدا وحيدا على الضفة الأخرى من هذا النهر الأبدي.. ألا ترون أن للموت خصوصية تفرض نفسها كالحاكم الظالم في مجاهل الصراع الداخلي. أكان ذلك في الطريق أو الكنيسة أو الجامع…للموت هيبة…نعم له الحق أن يفرض هيبته فهو…الحقيقة المرة. ألا ترون أننا نجتمع سواسية في هذه اللحظة العظيمة التي نحاول الهروب منها ونحن ندرك أننا نقترب منها يوما بعد يوم….ألا تحبذون معي أن نترك لهذه الخصوصية مجالا جميلا دون أن نعلنه صورة بائسة من على الفضاء الإفتراضي. مما لا شك فيه أن التكنولوجيا الحديثة ساعدت الكثيرين خصوصا في هذه المرحلة العصيبة التي تعيشها الكرة الأرضية جمعاء حيث كان للفرح مكان عندما استطعنا مشاركة احتفالاتنا الليتورجية عن بعد أكان ذلك في الوطن الواحد او خلال لحظات البث المباشر العابر للقارات.
لست هنا لألعن التكنولوجيا ومفاعيلها فأنا من أشد المؤمنين بحسن إدارة استعمالها أما ما أعلق عليه هنا هو استسهال استعمال هذه اللحظة الجلل في منشور سخيف يفتد في عمقه أكثر الركائز التي نحن بحاجة اليها ألا وهي .. الإنسانية…هذه الركيزة التي تتخطى بكبرها الكثير من الفلسفات الحضرية أكانت دينية روحانية أو فكرية.
فبين “إبن بطوطة الزوكيري” و”بارون سامدي” يبقى لنا نحن أولاد هذا الشرق العليل هذه العادات الحسنة الجميلة والطيبة لنتمسك بها ونجلها فدونها الهلاك لأنه عندها سوف نفقد أعظم ما نمكله ونتغنى بالحفاظ عليه والتكابر أمام الغرب بحضانته ألا وهو الإحساس بالآخر في فرحه…..أو ترحه.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.