نقلا عن المركزية –
وسّع العدوّ الإسرائيلي اعتداءاته أمس، شماليّ نهر الليطاني، إلى أعماق جديدة تتجاوز الأربعين كيلومتراً، مستهدفاً منشآت صناعية في محيط بلدة الغازية الساحلية جنوبيّ صيدا، مدّعياً أنه قصف بنى تحتية عسكرية لحزب الله.المؤكد أن العدوّ لم يخطئ في إحداثياته، وأنه يعلم أنه استهدف منشآت صناعية لا بنى تحتية للمقاومة. والمؤكد أيضاً أنّ العدوان في محيط الغازية يتخطّى كونه رداً ميدانياً على عملية للمقاومة هنا أو هناك، كما تذرّع بذلك الناطق العسكري باسم جيش العدوّ، ليشكّل تجاوزاً إضافياً للقواعد التي حكمت الميدان حتى الآن، ويؤسّس، مع مجزرتَي النبطية والصوانة اللتين استهدفتا مدنيّين، الأسبوع الماضي، لمعادلة جديدة يحاول العدوّ فرضها على المقاومة ولبنان.
فبعد فشل الضغوط الميدانية السابقة، ومساعي الوفود الأجنبية للترويج للمطالب الإسرائيلية، وإحباط أيّ أمل بتحقيقها عقب الخطابَين الأخيرَين للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، وجد العدوّ نفسه مدفوعاً إلى رفع مستوى الضغوط في محاولة لتوجيه مروحة من الرسائل.
أبرز ما يُميِّز هذا العدوان عمقه الجغرافي الذي يريد من خلاله العدوّ توجيه رسالة مفادها أنه على استعداد لتوسعة المواجهة، وللذهاب أبعد ممّا جرى حتى الآن في سياق التصاعد المرتقب للمعركة. لا يعني ذلك أنه يتّجه نحو حرب واسعة وشاملة، إذ لا يزال أداؤه تحت هذا السقف، وإنْ كان متحرّكاً على وقع التطورات الميدانية والسياسية.
في هذا السياق، يندرج اعتداء الغازية ضمن دينامية الميدان وترجمة لرفع مستوى الضغوط، وهو ليس مفاجئاً مع الأخذ في الحسبان المرحلة التي بلغتها المعركة وانسداد السبل السياسية وفشل التهويل والضغوط الميدانية في سياق ما سمّاه العدوّ «استراتيجية الردع الفعّال». وهو، لذلك، انتقل الى محاولة إرباك حسابات المقاومة عبر وضعها أمام خيارَين: التكيّف مع السقف الجديد من الاعتداءات، أو الردّ التناسبي الذي يدفع العدوّ باتجاهات أشدّ والتدحرج نحو مواجهة كبرى.
وينبع هذا الرهان الإسرائيلي من تقدير مفاده أن حزب الله حريص على تجنب التدحرج نحو حرب واسعة. لكن كل ذلك يندرج ضمن إطار التكتيك التقليدي الذي يتبعه أطراف الصراع. ففي المقابل، بإمكان حزب الله أن يرتقي درجة إضافية في ردوده، وينقل كرة النار الى مؤسسة القرار الإسرائيلي، ويضعها أيضاً بين التكيّف مع هذا المستوى من الردود أو العودة الى القواعد السابقة، أو التدحرج نحو مواجهة كبرى.
النتيجة الأهم في كل هذا السياق أنّ المقاومة، بكل أطرافها، ليست في وارد الإذعان للشروط الإسرائيلية التي ستفتح الطريق أمام تغيير جذري في المعادلة التي تحمي لبنان. وأيّ اتفاق مفترض لاحقاً، سيكون محكوماً بالتموضع التي ترى فيه المقاومة حفاظاً على قدراتها الردعية والدفاعية. أضف أن المقاومة حاسمة في مسألة أنها ليست في وارد فك ارتباط جبهة لبنان عن جبهة غزة. وهي، أيضاً، لن تسمح للعدوّ بأن يفرض معادلة اعتداء وردّ من جانب واحد، وهو ما كان حاكماً على أدائها في الأشهر الماضية.
وبعد تحليق مكثّف منذ ساعات الصباح للطائرات المعادية ومسيّرات الاستطلاع في أجواء منطقة الغازية على علوٍّ منخفض، أغار طيران العدو عصراً على مستودع لمعمل أحجار في سهل الغازية قرب أوتوستراد صيدا – صور. بالتزامن، وعلى بعد كيلومترين، أطلقت الطائرات صاروخَين على مستودع آخر تابع لمعمل تصنيع مولدات وألواح طاقة شمسية، ما أدّى إلى اندلاع حريق ضخم عملت فرق الإطفاء التي قدمت من كلّ مراكز الجنوب والمتن وبيروت حتى ساعة متأخرة من الليل على إطفائه.
ورداً على ادّعاءات العدوّ بأنّ الغارتين استهدفتا مخازن أسلحة، أكد أحد أصحاب معمل المولدات محمد غدار أن المستودع منشأة صناعية، وقال إن الأضرار اقتصرت على الماديات.
في غضون ذلك، واصل حزب الله أمس ضرب المواقع الإسرائيلية على طول الحدود الجنوبية مع شمال فلسطين المحتلة، واستهدف موقع بركة ريشا، وموقعَي الرمتا والسماقة في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة. فيما دوّت صفارات الإنذار في مستوطنات بيت هيلل، كفار جلعادي، كفار يوفال، المطلة، المنارة، معيان باروخ، مرغليوت، مسكاف عام، وكريات شمونه خشية تسلل طائرات مسيّرة.
المقاومة حاسمة بعدم السماح للعدوّ بفرض معادلة اعتداء وردّ من جانب واحد
وإذا كان أحد أهداف العدوّ من توسيع رقعة اعتداءاته على لبنان إظهار سيطرته لطمأنة جبهته الداخلية، وخصوصاً مستوطني المستعمرات الشمالية الذين يبدون قلقاً وانعدام ثقة تجاه المؤسستَين العسكرية والسياسية في إسرائيل، في ظلّ انعدام أفق الحلول الكفيلة بطمأنتهم حيال مستقبل وجودهم في الشمال، يتصرف هؤلاء على أساس أن لا عودة قريبة محتملة إلى ما قبل السابع من تشرين الأول 2023. وفي هذا الإطار، ذكر موقع «والاه» أنه بعد الإنذار الذي وجّهته إدارة أحد الفنادق لمستوطني كريات شمونة بضرورة إخلاء الفندق مطلع آذار المقبل، رفض رئيس بلدية كريات شمونة الأمر واعتبره تهجيراً قسرياً، وحثّ المستوطنين على البقاء في الفندق حتى لو أدى ذلك إلى تصادم مع الجيش الإسرائيلي.
ونقلت صحيفة «إسرائيل اليوم» العبرية أنه بعد خطاب السيد نصر الله الذي هدّد بأن صواريخ حزب الله يمكن أن تصل إلى إيلات، سُجّلت زيادة بنسبة 287% في شراء أجهزة الطوارئ كالمصابيح الكهربائية والبطاريات وأجهزة الشحن والمولّدات. فيما اشتكى رؤساء المجالس والمستوطنون الذين بقوا في مناطق القتال في الشمال من تصرفات الجنود الإسرائيليين الذين يدخلون المستوطنات من دون تنسيق ويسبّبون دماراً ملحوظاً في المنازل السكنية وأماكن الإقامة.
المصدر: الأخبار
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.