نقلا عن المركزية –
لمرة واحدة، تعادلت الطبقة السياسية في لبنان مع الشعب. لمرة واحدة ذاق النواب طعم الانتظار الذي يعانيه اللبنانيون كل يوم، لا بل كل ساعة وكل دقيقة. صحيح انهم انتظروا التيار في قصر لا على الطرقات حيث الانتظار لساعات في طوابير الذّل والموت، لكنهم عايشوا ساعة ونصف الساعة من دون تيار كهربائي وفي ظل عدم توافر مادة المازوت للمولّد الكهربائي، مع ان السؤال هنا يصبح مشروعا عما اذا كان ما جرى حقيقة ام “مسرحية” مركبة فصولها عمدا إيحاء بتساوي الجلاد والضحية.
لا كهرباء!: برتابة ومن دون مفاجآت، كانت جلسة مناقشة البيان الوزاري اليوم في الاونيسكو، وهي ستنتهي بنتيجة محسومة سلفا لصالح حكومة “معا للانقاذ” التي ستنال ثقة مريحة تلامس المئة صوت، وقد انفرد تكتل الجمهورية القوية وبعض النواب المستقلين بحجبها عنها. وحده التيار الكهربائي المحجوب كان لافتا اليوم خلافا للثقة الممنوحة من التيار السياسي، اذ حال دون انعقادها في موعدها وارجأ لقرابة الساعة ونصف الساعة الى ان أمّن صهريج المازوت لمولّده فعادت اليه الكهرباء.
القوات تحجبها: بعد ان تلا رئيس الحكومة نجيب ميقاتي البيان الوزاري طالبا من النواب ثقتهم، توالت كلمات ممثلي الكتل. في السياق، أشارت عضو تكتل الجمهورية القوية النائب ستريدا جعجع إلى أنّ “لبنان يقف اليوم أمام تحديات كبيرة وخطيرة بل أمام مفصل تاريخي، فإما يبقى لبنان الذي نريد ونحب، والذي بذلنا من أجله الغالي والنفيس، وإما ينهار انهيارا كليا ويصل إلى قعر الهاوية ويصبح مهددا في مصيره وفي هويته“. وأضافت في كلمتها “لقد سبق وحذرنا من هذا المنبر، ومن منابر أخرى وفي مناسباتٍ عدة، من الاستهتار في معالجة أسباب الكارثة التي حلت بنا على مختلف الصعد، بدلا من معالجة العوارض الظاهرية بشكلٍ مجتزأ وعلى طريقة الترقيع والتخدير. لم نترك كحزبٍ وكتكتلٍ نيابي أيّ فرصةٍ إلا والتقطناها لنحذّر وننبه من المخاطر المحدقة بنا جميعاً، وقدمنا الخطط والبرامج واقتراحات القوانين، لكننا ووجهنا دائماً بالرفض والمكابرة والإنكار، لأن هناك من يفضّل المناصب والمكاسب على حساب الوطن وأهله، لأن هناك من لا يريد الإصلاح الجديّ والشامل لأنه يخشى المحاسبة والمساءلة ، لأن هناك من لا يريد الجمهورية القوية والدولة القوية والمؤسسات القوية، كي يبقى هو مستقويا على حساب الجمهورية والدولة والمؤسسات“. وتابعت “كان سمير جعجع أول من رفع الصوت وتحديداً في لقاء قصر بعبدا بتاريخ 2 ايلول 2019 ، ليدعو مختلف القوى السياسية بمن فيها نحن، إلى الاستقالة والإتيان بحكومة مستقلين فعلاً واختصاصيين من دون مشاركة أيّ فريقٍ سياسي بمن فيه نحن، فلم يسمعوا، وكان ما كان في 17 تشرين، وتشكلت الحكومة السابقة بتعديلٍ في الشكل ومراوحةٍ في الجوهر، أي وفق منطق المحاصصة وحسابات النفوذ، وفشلت فشلاً ذريعاً ، وتخلّف رئيسها حتى عن تصريف الأعمال ، وتخلّى كلياً عن تحمّل المسؤولية“. كما قالت “استوقفني ما كتبه الرئيس نجيب ميقاتي (في صحيفة “النهار” في ردٍّ على مقالةٍ للأستاذ عقل العويط): عقدت العزم على خوض هذه “المغامرة الإنتحارية” كما يصفها البعض، علّني أتمكن من تشكيل حكومة. عقدت العزم على خوض ورشة الإنقاذ الموعودة، مع علمي المسبق بأنني لا أملك عصاً سحرية . قد يقول البعض إنها مغامرةٌ صعبة ولكنني سأخوضها مثابرا على العمل للنجاح في المهمة. ومن أهداف الحكومة الجديدة إجراء الانتخابات النيابية التي تشكل المفصل الحقيقي لتحديد خيارات اللبنانيين إنطلاقاً من الحراك الشعبي الذي يشهده لبنان منذ السابع عشر من تشرين الأول ٢٠١٩“.
ثقة التيار: في المقابل، أعلن رئيس تكتل “لبنان القوي” النائب جبران باسيل إعطاء الثقة للحكومة. وقال في كلمته: “سنعطي الثقة من باب الإيجابية وتحمّل المسؤولية وعدم الهروب منها ولأننا نريد ان نساهم بخلاص البلد وليس بتخريبه. سنعطي الثقة لنقابل رئيس الحكومة بالإيجابية التي بادرنا بها بالرغم من عدم تسميتنا له، لنلاقيه كما لاقانا، ولنلاقي اي ارادة بالإصلاح والإنقاذ. سنعطي الثقة لأن التشكيلة اتت حسب الأصول، فقد احترم رئيس الحكومة الشراكة الدستورية مع رئيس الجمهورية والتوازنات بالحقائب والطوائف وحق كل فريق بتسمية وزرائه وفق المعايير… ولو مع بعض الخربطة“.
وأضاف: “لقد احترم رئيس الحكومة الدستور والميثاق واحترم الآخر واحترم نفسه والتزم بمهلة معقولة وصمّم على التشكيل فكانت الحكومة ميثاقية دستورية”، وتابع: “سقط مع صدور التشكيلة كل الكلام الكاذب منذ 13 شهرا عن التعطيل والأثلاث المعطّلة وعن الرئاسة والتوريث وعن المنع الخارجي بانتظار النووي والخ… “بح تبخّر”. وأشار باسيل إلى “أنّنا سنعطي الثقة لأن الحكومة ضمّنت في بيانها الوزاري مطالبنا لإعطاء الثقة وهذا أمر إيجابي والكتل في النظام البرلماني تعطي الثقة للحكومة بناء على مشاركتها أو بناء على مطالبها بالبرنامج الوزاري او بناء على الاثنين معا، وسنعطي الثقة لأن هناك توقيع رئيس الجمهورية ولأن الحكومة ضمّنت في بيانها الوزاري مطالبنا لإعطاء الثقة وهذا أمر إيجابي والكتل في النظام البرلماني تعطي الثقة للحكومة بناء على مشاركتها أو بناء على مطالبها بالبرنامج الوزاري او بناء على الاثنين معا“. كما شدّد على أنّ “الثقة مسار وليست لحظة، واذا المسار لم يكن صالحا يمكن سحبها لاحقاً.
سجال: وقال رئيس مجلس النواب نبيه بري رداً على باسيل: استهداف المجلس النيابي بشكل “معمّم” لا يجوز. كما كان سجال بين نائب رئيس المجلس ايلي الفرزلي وباسيل على خلفية اتهام الأخير عدداً من النواب والوزراء بتحويل أموال الى الخارج حيث طالبته بتسميتهم، فقال باسيل “لست قاضيا”.
أمل…انها الفرصة: في المواقف، توقف المكتب السياسي لحركة “أمل” أمام عملية نيل الحكومة الثقة في المجلس النيابي، معتبرا أنها فرصة وطنية انتظرها اللبنانيون طويلا، يجب أن تؤمن لها كل عوامل النجاح من أجل إطلاق ورشة انقاذ وطني طالت معاناة اللبنانيين كثيرا تحت وطأتها، داعيا الحكومة لأن تعمل كفريق واحد متضامن يرسم سياسات إصلاح واقعية تنعكس ايجابا على اللبنانيين، وخصوصا بالعناوين المطلبية الاجتماعية في قطاعات التربية والصحة والمحروقات وضرب المحتكرين خاصة في السلع الاساسية، وردع المضاربين على الليرة اللبنانية، مما يرفع منسوب ثقة المواطنين بدولتهم ومؤسساتها ليكتمل قوس الثقة البرلماني والشعبي.
المحروقات: وفي انتظار نيل الحكومة الثقة وانطلاقها في العمل الجدي، الازمات المعيشية على حالها والطوابير لا تنتهي امام المحطات. ليس بعيدا، أشار رئيس تجمع الشركات المستوردة للنفط جورج فياض، إلى أن “الكميات المدعومة من المازوت ستسلم فقط للقطاعات الحساسة كالمستشفيات والأفران، وهناك كميات ستوزع تدريجياً إلى السوق ولكن بالسعر غير المدعوم“. وأوضح في حديث اذاعي، أنه “خلال يومين سيصبح البنزين متوفراً في الأسواق، ورفع الدعم نهائياً عنه سيكون خلال 10 إلى 15 يوماً“.
البطاقة التمويلية: وعلى الخط عينه، استقبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وزير الشؤون الاجتماعية هكتور الحجار، وعرض معه الخطوط العريضة لعمل الوزارة في المرحلة المقبلة بعد نيل الحكومة الثقة ولا سيما ما يتعلق بالبطاقة التمويلية.
الى 4 تشرين: قضائيا، حدد المحقق العدلي في جريمة المرفأ القاضي طارق البيطار تاريخ 4 تشرين الاول موعدا جديدا لجلسة رئيس الحكومة السابق حسان دياب. وأخلى سبيل امين مستودع العنبر رقم12 وجدي القرقفي لقاء كفالة مالية قدرها مئة مليون ليرة ورائد أحمد الذي كان يعمل في أعمال ورقة الباطون. الى ذلك، افيد ان فرع المعلومات استمع اليوم الى شاهدين اضافيين في ملف شحنة نيترات الأمونيوم التي عثر عليها في بدنايل.
الخيانة العظمى: في مجال آخر، وجه لقاء سيدة الجبل “تهمة الخيانة العظمى لرؤساء الجمهورية والمجلس النيابي والحكومة، جراء صمتهم المطبق وغير المسبوق على انتهاك السيادة اللبنانية،” من خلال ادخال حزب الله المازوت الايراني. واعتبر في بيان “إن رئيس الجمهورية هو الوحيد بين الرئاسات الثلاث الذي يُقسم على احترام الدستور والقوانين، ورئيس مجلس الوزراء مسؤول عن تطبيق الدستور والقوانين، فيما رئيس مجلس النواب مسؤول عن حسن تطبيق الدستور والقوانين وعن المحاسبة في حال عدم التطبيق، ولم يحصل شيء من هذا”…”لذا فقد أخلّ الرؤساء الثلاثة بشكل واضح وعلني بأهمّ واجباتهم الدستورية والقانونية، أي الحفاظ على السيادة، وهذا لصالح حزب الله/إيران. فإن لم يواجه الرؤساء الثلاثة بسرعة هذا الانتهاك الفاضح للدستور والقوانين اللبنانية نوجّه، وبشكلٍ حازم وواضح، لكل منهم تهمة الخيانة العظمى ونطالب بمحاكمتهم”.
الاساءة للراعي: على صعيد آخر، رد مدير المركز الكاثوليكي للاعلام الخوري عبدو أبو كسم على ما ورد من “اساءات مستنكرة وغير مألوفة على لسان الشيخ أحمد إسماعيل في حق البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي”. وقال في تصريح: “فوجئنا بما صدر عن الشيخ إسماعيل من لغة هابطة وسوقية لا تليق بتاتاً بشيخ ديني (…) فقد خلط هذا الشيخ الحابل بالنابل، وأراد أن يصنع لنفسه موقعاً ويجعل نفسه حديث الناس بتهجمه على قامة وطنية ودينية كبرى كقامة البطريرك الراعي، مستخدماً ألفاظاً نابية وتعابير يربأ حتى ناشطون متفلتون على مواقع التواصل الاجتماعي إستخدامها، وهذه اللغة غريبة عن تقاليد وأعراف طائفة كريمة نجل ونحترم في لبنان“. وأضاف: “يبدو أن هذا الشيخ المليء بالحقد والكراهية ضد الدولة أراد صب غضبه عليها، لكنه أخطأ العنوان وصوب سهامه نحو غبطة البطريرك وارث البطاركة المجاهدين في سبيل لبنان والدفاع عن حدوده التي لولا البطريرك الياس الحويك عام 1920 لما عرفنا إن كان هذا الشيخ إستحق حمل الهوية اللبنانية“. وختم: “لن نناقش هذا الشيخ، لكننا نقول له إياك أن تمنن مكوناً لبنانياً مؤسساً للكيان اللبناني ودافع عنه وقدم آلاف الشهداء الابرار وبذل الغالي والنفيس قبلك كي يبقى لبنان وطناً لأبنائه وليس وطناً بديلاً، وإياك أن تتطاول على بكركي ورموزها وترميها بإتهامات وأوصاف مشينة لا تنطبق إلا على أمثالك
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.