نقلا عن المركزية –
علمت “الأخبار” أن البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي تحدّث مع الرئيس نبيه بري عن الوضع السياسي العام في البلاد، وتعطّل عمل الحكومة، و”فائض القوة الذي لا تستقيم معه الحياة السياسية”، قبل أن ينتقل إلى مسألة استدعاء جعجع، معتبراً أن “الأمر لا يجوز كونه زعيماً مسيحياً من الصف الأول”، مقترحاً “البحث عن إخراج للتراجع عن هذا الاستدعاء”. إلا أن “رئيس المجلس أكد أن قضية الطيونة كبيرة، وهناك شهداء سقطوا ظلماً… والدم بعدو على الأرض”، مشيراً الى أن “جعجع مستدعى كشاهد ليس إلا. وعندما استدعى القاضي فادي صوان وزراء ونواب كشهود، لبّوا طلبه. فلماذا لا يذهب جعجع؟ هذه قضية كبيرة ونحن نريد كشف الحقيقة وسنتابع القضية حتى النهاية. ونحن رفضنا الانجرار إلى استخدام القوة، واحتكمنا إلى القضاء، وعلى القضاء أن يكون موضوعياً وجدياً. وأعتقد أنكم تؤيدون أن يكون القضاء موضوعياً وجدياً وغير مسيّس”.
ولفت بري، بحسب “الأخبار”، الى ان “المشكلة اليوم في البلد هي في مكان آخر. وتتعلق بأداء القاضي طارق البيطار”. فرد الراعي مدافعاً عن المحقق العدلي، وسائلاً عن سبب “هذه الهجمة عليه والتدخل في عمله والاعتراض على قراراته وإجراءاته والمطالبة بإزاحته”. فما كان من بري الا ان وضع على الطاولة نسخة من الدستور وأخرى من القانون 13/1990 (أصول المحاكمات أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء)، مشيراً إلى المواد التي يرى أن البيطار يخالفها، ومؤكداً أن “مجلس النواب لا يمكن أن يقبل المس بصلاحياته”. وبعد مطالعة بري، رد الراعي بأنْ وافقَ رئيسَ المجلس على مقاربته، ومشدداً على وجوب “احترام الأصول الدستورية والقانونية”. وعندما سأل عن كيفية الخروج من المأزق وإعادة إطلاق العمل الحكومي وضمان الحفاظ على الاستقرار، قال بري إن الحل يبدأ من مجلس النواب، عبر محاكمة الرؤساء والوزراء المشتبه فيهم في انفجار المرفأ أمام المجلس الأعلى، وفقاً لما ينصّ عليه الدستور والقانون. تلقّف البطريرك ما قاله رئيس المجلس، مشيراً إلى أنه سيعرض الفكرة على الرئيسين عون وميقاتي.
رئيس الحكومة سمع الراعي الذي لم يضع قضية الطيونة في مقابل قضية المرفأ. فردّ ميقاتي بأنه يؤيد أي حل من ضمن الأطر الدستورية، يسمح بتخفيف حدة التوتر. أما رئيس الجمهورية، فسأل الراعي عما إذا كانت مبادرته المبنية على اقتراح بري تتضمّن مقايضة بين الطيونة والمرفأ، فأجاب البطريرك بأن بري قال له إن الملفين منفصلان، لكن حلّ قضية محاكمة الرؤساء والوزراء، برأي الراعي، سيترك مناخاً إيجابياً على باقي الملفات. الرئيس عون ردّ على “المبادرة” بتأكيد جاهزيته للسير بأي حل، “شرط أن يكون من ضمن الأطر الدستورية، وألّا يتضمّن مسّاً بمبدأ فصل السلطات أو تدخلاً بعمل القضاء”. وشدّد عون على وجوب الاطلاع على تفاصيل المقترح، قبل إبداء رأيه النهائي فيه.
تزازبا، لفتت “النهار” عن عامل لافت وطارئ اخترق مشهد التأزيم تمثل في التحرك العاجل الذي قام به البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي بجولة على الرؤساء الثلاثة بما عكس في ذاته الطابع الاستثنائي لخطورة دوافع هذا التحرك. ومع ان البطريرك تعمد اظهار تفاؤل واسع بالتوصل إلى حل “سياسي دستوري” يخرج الوضع من إختناقاته، لم يتضح تحديداً ما الذي ركز عليه أكثر سواء في موضوع جعجع الذي بدا محورياً في مبادرة الراعي إلى التحرك نحو الرؤساء او في موضوع التحقيق العدلي ومعاودة جلسات مجلس الوزراء، علما ان موضوع جعجع بدا الملف الاشد سخونة في التحرك.
في غضون ذلك، حمل البطريرك الراعي قضية استدعاء جعجع وجال بها على عين التينة فالسرايا فبعبدا، رافضا الاستنسابية وسياسة الكيل بمكيالين في حوادث الطيونة. واتخذت زيارة الراعي لرئيس مجلس النواب #نبيه بري دلالة خاصة اذ أقام الرئيس بري مأدبة غداء على شرفه واتسم اللقاء بدفء وتوافق تام في الآراء حول سبل الخروج من المآزق القائمة بالانطلاق من مخرج عبر مجلس النواب لقضية التحقيق العدلي في انفجار مرفأ بيروت. ويبدو ان الراعي ابلغ إلى بري موافقته على ان يعمد مجلس النواب إلى الادعاء على النواب والوزراء السابقين المدعى عليهم من المحقق العدلي بإحالتهم على المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء فيما يبقى المحقق العدلي في مهمته لملاحقة الاخرين، وهذا أساساً موقف بري. وذكر انه وعد الراعي بإمكان طرحه في جلسة الخميس للمجلس. وهذا الحل يضع البيطار امام احتمال رفضه، والتمسك بصلاحياته، واعتبار ملاحقة النواب من صلاحياته حصراً. كما اثار الراعي مع بري تسييس القضاء في إشارته إلى طلب استدعاء جعجع. وأوضح الراعي ان “لدى الرئيس بري اقتراحات وحلول مهمة وسأعمل مع المراجع عليها لأن الوضع لا يمكنه الاستمرار على النحو نفسه فيما لبنان وشعبه يموتان والمؤسسات تتحلل”. وأضاف: “نريد أن يكون القضاء حراً ومستقلاً لا قضاءً مسيّراً تحت الضغط الحزبي والطائفي”. واكد انه “يستهجن استدعاء جعجع لان هناك أشخاصا تابعين لحزب هو مسؤول عنه”.
وأشار الراعي من بعبدا إلى “سعادته وفرحه داخليا بوجود حلول، واعتقد انها ستنفذ، وعندها بإمكاننا ان نخرج رويدا رويدا من المأساة التي نعيشها اكانت تعطيل الحكومة، او نتائج الاحداث الأخيرة المؤلمة او غيرها من المشاكل التي يعيشها الناس على كل المستويات”. وأضاف: “ان زيارتي ليست قضائية بل هي زيارة إلى المعنيين مباشرة بالعمل السياسي، لأؤكد ان السياسة يجب ان تسبق الاحداث لا ان تلحق بها. العمل السياسي هو عبر استباق الاحداث وإيجاد طريقة لمعالجتها قبل ان تتفاقم”. وقال انه تكلم مع رئيس الجمهورية عن الحل الذي تم الاتفاق عليه مع الرئيسين بري وميقاتي، “وانا مقتنع به، انطلاقا من الدستور، والرئيس عون رحب بهذا الحل كونه دستوريا. ولست الآن مخولاً لأكشف عنه، وعلينا ان ننتظر المسؤولين لتنفيذه. ويجب ان يحصل ذلك في أسرع وقت ممكن، وآمل ان يكون ذلك غدا”.
وسئل عن تحرك مناصري “القوات اللبنانية” اليوم في معراب، وهل من محاولة لاحتواء هذا الموضوع؟ فأجاب: “يجب ان يحصل ذلك. انا كنت غائبا عن بكركي منذ الصباح، وحين اعود سأجري الاتصالات اللازمة”.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.