بين الإلتزام الشخصي والنزاهة المجتمعية…ميلادكم مجيد
فادي بدر – ناشر الموقع – مساء نهار عيد الميلاد من سنة “كش برا وبعد”
تقف مندهشا متشدقا زاهدا عاجزا أمام هذا اللبناني العظيم سليل طائر ماورائي يقال عنه أنه ينثر رماده حياتا ثانية.. كأني به متخرج من فلسفة أفلاطونية طوعية انعتاقية. من هذا اللبناني الذي يفتخر بنفسه دوما؟ طارحا من ذاته “حربوقا” عالميا كيف لا وهو الذي يعرف أبدا كيف يستقوي على نفسه معتقدا أنه يتذاكى على محيطه لابسا رداء البطل الخارق أو أنه اخترع في زمان ما قبعة الإخفاء المشهورة…وهو الذي لا أراه لكنه يراني مما يعطيه الحق في كسر القانون أو تحويره لمصلحة آنية شخصية في محيط لبناني فقط …أما في الخارج فتراه خاضعا خانعا راضيا لسلطة قانون تعلو ولا يعلى عليها.
حاشى أن أكون بمقالتي هذه أطرح الإصلاح الإجتماعي أو أنني أبشر بالفقه الغاندي فكلنا في هذا الوطن أقل ما يقال فينا أننا خطأة… لأننا اقترفنا وفي يوم ما فحشاء “الحربقة” اللبنانية ليس للتفاخر بل كي نستطيع أن نتخرج وبدرجة “مقبول” أحيانا من منهاج التذاكي اللبناني…يحكى أنه وبعد الحرب العالمية الثانية كان الألمان يقفون صفوفا صفوفا كي يستطيعوا الحصول على الخبز كل بدوره واستطرادا هذا ما يبشرنا به جهابذة الفكر الإقتصادي الحديث…فلنعد الى برلين يومها حاول أحد المتذاكين “الحرابقة” الذي وبرأيي الشخصي كان يحمل في جيناته الكروموزوم الفينيقي مانح القدرة على التفلت من أي التزام أمام المصلحة المجتمعية…يومها حاول صديقنا الفذ أن يتجاهل الصف الطويل للحصول على الخبز اليومي فنهرته إمرأة سبعينية ألمانية أصيلة وبخت فيه بئس غريزته قائلة: صحيح أننا خسرنا الحرب لكننا لم نخسر قيمنا. قصة طريفة يضرب فيها المثل للدليل على أن الإلتزام الشخصي أمام الخير المجتمعي هو أكثر من فعل وردة فعل للخير بل هو فعل إيمان أبدي بالوطن…فهل نحن جميعا مؤمنون؟
يعرف الإلتزام على الشبكة العنكبوتية العظيمة أنه هو واجب ثابت يستلزم من الشخص القيام به والمداومة عليه لصالح شخص آخر أو لمصلحة معينة هو المسؤول عنها، ولا يمكنه تركها أو التخلف عن أدائها، مثل الالتزام بإعطاء شيء ما، أو أداء عمل ما. أما الهدف من الإلتزام فهو تحسين وزيادة مستوى النجاح في كافة مجالات الحياة، فهو يعمل كدافع وحافز لحدوثه. فمصلحة الفرد تذوب أمام مصلحة المجتمع والوطن لأن حرية الفرد تقف حكما أمام حرية الآخر وهذه الحرية وجب دوما أن تكون حرية مسؤولة هذا الوجوب الذي يعانق بمعناه عظمة المولى عز وجل لأن الحرية المسؤولية والإلتزام ثلاثة أقانيم لإيمان واحد ألا وهو وجود الوطن. الحدود أحبائي لا تخلق الأوطان وهي إن أتت بها فصدقوني أنها لا تساعد على استمرارها والإتحاد الأوروبي خير دليل على ذلك… ما يديم الأوطان هو الإلتزام المجتمعي هو هذا القرار الفردي الجريء الذي يتعرض دوما وحتى يوميا الى تحديات الخروج عن صراطه المستقيم عن نزاهته الإرادية ليتسلل رويدا رويدا نحو دهاليز وسراديب “الكاتاكومب” التحاذقي اللبناني.
فهل تعتقدون أننا كنا لوصلنا إلى هذه الدرجة من التفشي المجتمعي لوباء كوفيد لو أننا طبقنا فعل إيماننا المجتمعي؟ أو تعتقدون أن طرقاتنا كانت لتصل الى هذه الدرجة من دركات الموت لو أننا احترمنا قانون السير والتزمنا مجتمعيا بتطبيقه؟ وهل وهل وهل …. وتطول السبحة لتصل اليك أيها اللبناني العظيم.. فمن أعطاك الحق أن تسلب نزاهة أخيك اللبناني بإسم الحربقة الميمونة بنظرك الدوني…ومن سمح لك أن تلوي ذراع القانون أو السلطة باسم واسطة بائسة أو معارف تعرفها من عهد البرجوازية التي حتى لويس الرابع عشر ملك ملوك البوربون قد رماها جانبا في سبيل عالم متطور…هذا العالم القادم الذي لن يرحم عظمة تذاكيك اللبناني أمام ذكاء اصطناعي واكتشافات علمية سوف تطرح مسلماتك جانبا ليصل منتصرا فكر الداتا القادم حتما.
ففكر مليا لأن النزاهة المجتمعية لا تنبع من الإلتزام فقط لكنها تكمله عضويا… أن تكون ملتزما نزيها في عصر الكورونا هو أن تعرف جيدا وتدرك عميقا أن الإلتزام السخيف المطلوب منك بالحجر طوعا هو مدماك صغير تضعه بنفسك في سبيل خير أسمى إسمه وطن…فكي لا تغرق التايتانك إراديا مع أو دون موسيقى وجب علينا جميعا تعهد هذا الوطن قلبيا والإلتزام فعليا بكل ما يمثل.
أخيرا وليس آخرا وفي مساء هذا النهار المميز من هذه السنة البائسة أتمنى لكم أحبائي ميلادا مجيدا أعاده واجب الوجود عليكم باليمن والخير والبركة.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.