نقلا عن المركزية –
على ضفتين تقلع المشاورات الداخلية في اعقاب اعتذار الرئيس المكلف سعد الحريري وعودة البلاد الى حقبة التكليف للمرة الثالثة منذ آب الماضي. الاولى بين بعبدا وعين التينة لتحديد موعد للاستشارات النيابية الملزمة، والثانية داخل البيت السني تنطلق عصرا باجتماع يعقده الحريري مع رؤساء الحكومة السابقين للتشاور في مرحلة ما بعد الاعتذار بكل تفاصيلها وتداعياتها.
وفي موازاة مشاورات الداخل مواقف ونصائح وتحذيرات واتصالات دولية من كل حدب وصوب منبهة من الاسوأ المقبل معيشيا وانسانيا والاهم أمنيا، داعية الى تشكيل سريع يقي لبنان الشر المستطير، وسط معلومات عن اتجاه اميركي- فرنسي لعقد مؤتمر اممي للبنان.
وغداة عاصفة اعتذار الرئيس الحريري، سيطرت على الساحة السياسية حال من الجمود والترقب، رصدا لخطوة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون المقبلة، لناحية تحديد موعد للاستشارات النيابية لتكليف رئيس جديد. غير ان هذه الخطوة تتطلب توافقا على البديل، الذي لا يبدو حتى الساعة متوافرا، على رغم ارتفاع بورصة الاسماء التي ترمى في بازار الترشيحات ولا تلبث ان تسحب، وسط خشية من الا يتوفّر البديل ابدا.
بعد العيد: في السياق، اشارت مصادر بعبدا الى ان الرئيس عون لا يريد اضاعة المزيد من الوقت لكن على الكتل التشاور في ما بينها قبل تحديد موعد الاستشارات. واضافت: الاستشارات لن تجرى قبل عيد الاضحى والفترة الفاصلة، ستكون مناسبة لاجراء الاتصالات بين الكتل التي تقع على عاتقها تسمية الرئيس المكلف الجديد. واشارت الى ان لم يحصل اي اتصال بين بعبدا وعين التينة وان الرئيس نبيه بري ينتظر ان تقدم بعبدا على الخطوة الدستورية المطلوبة التي تقضي بتحديد موعد الاستشارات.
قلق اميركي: وبينما لا حركة محلية ظاهرة على ضفة التكليف، البيانات الخارجية الدولية الآسفة للواقع الحكومي والمستعجلة التكليف والتشكيل والمحذرة من الوضع المعيشي- الانساني الصعب، لم تهدأ. في السياق، قالت الخارجية الأميركية “قلقون من استقالة سعد الحريري كرئيس وزراء مكلف، مضيفة “تحتاج الطبقة السياسية اللبنانية إلى تنحية الخلافات الحزبية الصغيرة جانبًا بدلاً من إلقاء اللوم على بعضهم البعض، من أجل تشكيل حكومة قادرة على معالجة الحالة المقلقة في البلاد“. وكان وزير الخارجية الاميركي انطوني بلينكن قال ان “اعتذار الحريري عن عدم تشكيل حكومة تطور آخر مؤسف لشعب لبنان“. ولفت بلينكن الى ان من الأهمية بمكان أن يتم تشكيل حكومة لبنانية قادرة على تنفيذ الإصلاحات ذات الأولوية. واعتبر ان الطبقة السياسية في لبنان أهدرت الشهور التسعة الماضية والاقتصاد اللبناني في حالة سقوط حر. وشدد على ان على القادة اللبنانيين أن ينحوا جانبا خلافاتهم الحزبية ويشكلوا حكومة تخدم الشعب اللبناني.
متابعة فرنسية: في الموازاة، وفي وقت افيد ان “الدبلوماسيّة الفرنسيّة لم تتوقّف عن متابعة الوضع في لبنان والإتصالات الجارية والمكثّفة نابعة من مخاوف من وقوع أيّ انزلاقٍ أمني في ظلّ التوتر القائم والانهيار والمعاناة التي تمس الشعب يوميًّا” وسط اصرار على ان اي حكومة ستشكل يجب ان تخضع لبنود وصفات المبادرة الفرنسية، أكد الناطق باسم الخارجية الفرنسية ان “فرنسا أحيطت علما بقرار رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري بالتخلي عن تشكيل الحكومة. وهذا التطور يؤكد ان الأداء السياسي الذي يعتمده القادة اللبنانيون أعاق البلاد لأشهر، وجعله يغرق في أزمة اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة“. أضاف: “هناك الآن ضرورة ملحة للخروج من هذا المأزق المنظم وغير المقبول، وإمكانية تشكيل حكومة في لبنان، وهذا يتطلب الشروع الفوري في المشاورات البرلمانية بهدف تعيين رئيس وزراء جديد في أقرب وقت ممكن”.وتابع “يجب أن تكون هذه الحكومة قادرة على إطلاق الإصلاحات ذات الأولوية التي يتطلبها الوضع. كما يجب أيضًا البدء في التحضير للانتخابات النيابية المقبلة في العام 2022، والتي يجب أن تتم بطريقة شفافة وحيادية، ووفقًا للجدول الزمني المحدد. وختم “كذلك، تدعو فرنسا لتلبية احتياجات اللبنانيين الذين تتدهور أوضاعهم يوما بعد يوم، وهي تنظم مؤتمرا دوليا جديدا لدعم الشعب اللبناني في 4 آب بمبادرة من رئيس الجمهورية الفرنسية ايمانويل ماكرون وبدعم من الأمم المتحدة”.
بوريل: الى ذلك، صدر عن الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بيان بشأن اعتذار الحريري ، جاء فيه: “يأخذ الاتحاد الأوروبي علماً باعتذار الرئيس سعد الحريري عن تشكيل الحكومة، ويأسف بشدة لاستمرار الجمود السياسي في البلاد، فضلاً عن عدم إحراز تقدم في تنفيذ الإصلاحات العاجلة. لقد مضى عام تقريباً على عدم وجود حكومة ذات صلاحيات كاملة في لبنان، مما أدى إلى أزمة مالية واقتصادية غير مسبوقة لا يزال الشعب اللبناني يواجه عواقبها المأساوية. وتقع على عاتق القادة اللبنانيين مسؤولية حل الأزمة الحالية الذاتية الصنع. وثمة حاجة إلى الوحدة والمسؤولية لمواجهة التحديات المتعددة للبلاد وتلبية التطلعات المشروعة للشعب اللبناني. ويدعو الاتحاد الأوروبي، مرة أخرى، جميع القوى السياسية اللبنانية إلى دعم التشكيل العاجل للحكومة. وينبغي أن تبدأ الاستشارات النيابية لهذا الغرض دون تأخير. ويحتاج لبنان إلى حكومة قادرة على تنفيذ الإصلاحات الرئيسية الاقتصادية والخاصة بالحوكمة والتحضير لانتخابات عام 2022، والتي يجب إجراؤها في موعدها المحدد. ويبقى الاتفاق مع صندوق النقد الدولي ضرورياً لإنقاذ البلاد من الانهيار المالي. ويعتبر استقرار لبنان وازدهاره أساسيان للمنطقة ككل ولأوروبا. ويجدد الاتحاد الأوروبي دعمه القوي المستمر للبنان وشعبه، ولاستقراره وأمنه وسلامة أراضيه وسيادته واستقلاله السياسي.
تحرك سريع: اما المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونِتسكا فأعربت عن أسفها الشديد لعدم قدرة قادة لبنان على التوصل إلى اتفاق حول تأليف حكومة جديدة تعد مطلوبة بشكل عاجل لمواجهة التحديات العديدة التي تواجهها البلاد. وفي ظل تعرض عملية تأليف الحكومة الى انتكاسة، دعت المنسقة الخاصة للتحرك سريعاً لضمان تكليف رئيس وزراء جديد، بما يتماشى مع الاستحقاقات الدستورية، والى تأليف حكومة قادرة على تطبيق الإصلاحات الضرورية لوضع لبنان على طريق التعافي قبيل إجراء الانتخابات في العام 2022 التي يجب أن تتسم بالحرية والنزاهة.
من سيئ الى اسوأ: بدورها، اعلنت الجامعة العربية أن امينها العام احمد أبو الغيط والامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريس توافقا خلال لقاء في نيويورك على أن الوضع في لبنان يتجه من “سيئ إلى أسوأ“. واعرب ابو الغيط عن أمله في أن يتمكن المجتمع الدولي من مساعدة اللبنانيين على عبور الأزمة التي تعد الأخطر منذ نهاية الحرب الأهلية.
عون يطمئن: وسط هذه الاجواء القاتمة، أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن لبنان “سيتمكن من تجاوز الظروف الصعبة التي يمرّ بها حالياً على مختلف المستويات، لأن الاحداث أثبتت ان إرادة الحياة عند اللبنانيين مكّنتهم دائماً من التغلب على صعوبات كثيرة في الماضي، مشدداً على رهانه على الجيل الشاب في بناء مستقبل لبنان الذي نريد”. وأشار الرئيس عون إلى ان “لا شيء يجب أن يحبط اللبنانيين على رغم قساوة ما يتعرضون له”، واعداً بـ”بذل كل الجهود للخروج من الازمات المتلاحقة التي يعانون منها”.
حل للدواء؟: معيشيا، وبينما كسر الدولار كل السقوف، ما اضطر بعض المتاجر الى اقفال ابوابها، التزمت الصيدليات بالاضراب اليوم الى حين ايجاد لازمة انقطاع الدواء. وفي هذا الاطار،أعلن وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن أن “لوائح الدواء المدعوم وغير المدعوم ستنشر اليوم على موقع الوزارة“. ولفت خلال مؤتمر صحافي للإعلان عن خطة الدواء إلى أن “كل ما دُعم خلال عامين هو ضمن سقف الـ100 مليون دولار”، مضيفاً “واجبنا أن نكون يدًا واحدة لتأمين الدواء الملح للمواطن“. وأشار حسن إلى أن “لائحة الأدوية المدعومة تشمل أدوية الأمراض المزمنة والمستعصية وحليب الأطفال واللقاحات والأمراض النفسية والعصبية”. متابعاً: “أما لائحة الأدوية غير المدعومة فتشمل تلك المسعرة بأقل من 12 ألف ليرة“. وأكّد حسن أن “في ظل الشح الحاصل لدى مصرف لبنان حاولنا في هذه الخطة تفادي أزمة تطال جميع اللبنانيين“.
الجيش في البقاع: وعلى وقع الغليان الشعبي نتيجة الاوضاع المزرية وغداة احتجاجات وقطع طرق في الشارع بعد التطورات السياسية، أكد قائد الجيش العماد جوزف عون خلال جولة على المواقع العسكرية في منطقة البقاع أن “الامن في المنطقة للجميع من دون استثناء وقد شهد تحسنا لافتا مؤخرا. ولن نسمح لأحد بزعزعته، ولا عودة الى الماضي“. وقال من بعلبك: أهنّىء العسكريين على شجاعتهم وانضباطهم، وتفويت الفرص على من يريد نشر الفوضى وخلق الفتن.
مواجهات في الجبل: في المقلب الامني، وقعت مواجهات بين الجيش وعدد من المحتجين قاموا بقطع الطريق في جبل محسن احتجاجا على الغلاء وارتفاع الاسعار وتردي الاوضاع المعيشية اثر محاولة فتح الطريق، حيث حصل تدافع مع المحتجين الذين رشقوا الجيش بالحجارة ما دفع عناصره الى اطلاق النار في الهواء لابعادهم، ونتج عن الاشكال عدد من الاصابات. واعلن الجيش اصابة 10 عسكريين بجروح نتيجة القاء قنبلة يدوية. فيما اعلن الصليب الأحمران 5 فرق عملت على نقل 19 جريحاً حتى الساعة الرابعة الى مستشفيات المنطقة في جبل محسن
التدقيق والانتخابات: على صعيد آخر، توجه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع إلى رئيس الجمهورية ميشال عون عبر تويتر سائلاً “فخامة رئيس الجمهوريّة ميشال عون أين أصبح التدقيق الجنائي بعد مرور 6 أشهر على إقرار قانون رفع السريّة المصرفيّة بما يتعلّق بالتدقيق الجنائي”؟ والتقى جعجع، في معراب، الرئيسة السابقة لبعثة الاتحاد الاوروبي التي تولت مراقبة الانتخابات النيابية في العام 2018 ايلينا فالنسيانو والوفد المرافق. وأبلغ جعجع الوفد أن لا خلاص للبنان ولا سبيل لإنقاذه سوى عبر إجراء إنتخابات نيابيّة مبكرة، وإذا ما أردتم أن تنقذوا الشعب اللبناني فعليكم أن تسعوا بكل الوسائل المعنويّة ومع الإتحاد الأوروبي للضغط على من في يدهم الأمر من أجل اجراء الإنتخابات لأنها الطريق الوحيد من أجل إعادة إنتاج السلطة والتخفيف من آلام اللبنانيين“.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.