القصف المتبادل بين التيار والمستقبل يتهدّد مساعي بكركي وابراهيم التوفيقية
المركزية- صحيح ان المواقف التي أطلقها رئيس تكتل “لبنان القوي” النائب جبران باسيل امس من بكركي، لناحية تكراره العبارة نفسها التي يقول منذ لحظة تكليف الرئيس سعد الحريري “مطلبُنا اعتماد معايير موحدة”، وتلك التي صدرت عن الاجتماع الدوري للهيئة السياسية في التيار الوطني الحر اليوم، أوحت لمواكبي التطورات السياسية المحلية وكأنها أجهضت مسعى الصرح البطريركي التوفيقي حكوميا، باكرا قبل ان يولد… غير ان سيّد الصرح، يبدو عازما على عدم الاستسلام سريعا، ويصرّ- نظرا الى الوضع الداخلي المعيشي – المالي الذي ما عاد يحتمل تسويفا ومماطلة – على الذهاب أبعد في “مبادرته” وإعطائها كل الحظوظ الممكنة كونها خشبة الخلاص الوحيدة المتاحة اليوم، بعد إبعاد كورونا الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون عن بيروت، وفي ظل مؤاثرة “حزب الله” الذي قيل انه يحاول ردم الهوة بين بعبدا والوسط، دعمَ مطالب حليفه الرئاسي – البرتقالي، حتى الساعة. وفق المعطيات، حظوظُ نجاح الصرح ليست كبيرة، سيما وان الصراع بين طرفي التشكيل لم يعد محصورا فقط بحصة كل منهما وبمن يختار الوزراء ويسمّيهم، بل توسّع ليطال ايضا الحقائب وابرزها الداخلية والعدل (ويريدهما العهد من حصّته)، تماما كما الطاقة التي يتمسّك بها التيار الوطني الحر. غير ان الرهان يبقى على صحوة عجائبية تصيب ضمائر اهل المنظومة الحاكمة، فينزلون عن شجرة المطالب والشروط الفئوية الشخصية الضيقة، ويسهّلون ولادة حكومة اختصاصيين غير حزبيين قادرة على نيل ثقة المجتمع الدولي.. لكن التجارب السابقة مع هذه الطبقة- التي هجاها السفير البريطاني كريس رامبلينغ امس- تجعل التعويل على تنازلات “وطنية” من قِبلها، ضربا من الجنون لا بل الغباء. فالتنازلات في وقت الازمات، لا يُقدِم عليها سوى الكبار و”رجال الدولة” الذين نفتقدهم اليوم…
بكركي- بيت الوسط: لم تهدأ حركة الصرح البطريركي على الخط الحكومي امس، وقد وصل سيّده الليل بالنهار. فبعيد زيارته قصر بعبدا قبل الظهر، واستقباله رئيس التيار النائب باسيل بعد الظهر في بكركي، علمت “المركزية” ان البطريرك الراعي اطلع الحريري في اتصال هاتفي مطوّل عصرا على نتائج اللقاءين مع عون وباسيل، قبل ان يوفد اليه مَن يطلعه على تفاصيل محادثاته ويتبلّغ من الحريري موقفه مما جرى خلالها. فكان لقاء عقد بعيدا من الأضواء بين الوزيرين سجعان قزي موفدا من الراعي، ومستشار الحريري الوزير السابق غطاس خوري، لقاءٌ في “مكان ما” في بيروت. وفي وقت لم يتمخّض عن كل هذه الاتصالات بعد، ما يوحي بحلحلة وشيكة، علمت “المركزية” ان الراعي سيواصل اتصالاته وسيوسّع اطارها وربما كانت هناك لقاءات أخرى يجريها موفدون من قبله في العلن وخلف الكواليس.
مسعى ابراهيم: بالتوازي مع مساعي بكركي، وفي مسار يحظى بترحيبها ايضا وفق ما تقول مصادر الصرح لـ”المركزية”، يتحرّك المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم. فقد التقى صباح الجمعة الرئيس عون واطلعه على نتائج الجولة التي قام بها الخميس والتي شملت كلا من رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس سعد الحريري وشخصيات اخرى، للبحث في امكانية التحاور في افكار عدّة قد تؤدي الى صيغة يمكن أن تحيي الحوار المجمد بين بعبدا وبيت الوسط.
التصعيد على حاله: في الاثناء، تشير المصادر الى ان هذه الدينامية يفترض ان تستمر في عطلة نهاية الأسبوع وقد تثمر مطلع الاسبوع زيارةً يقوم بها الحريري الى بعبدا، طبعا اذا لم تكن الشروط والشروط المضادة، أقوى.. لكن يبدو ، للاسف، ان هذه هي الحال. ففي حين سجل نفي مصادر معنية عبر” مستقبل ويب” ما تردّد في مواقع إعلامية عن لقاء سيعقد الاثنين بين الحريري وباسيل مؤكدة “أن منح ما يسمّى” الثلث المعطّل ” لأي فريق سياسي غير مطروح وغير وارد”، انتقدت الهيئة السياسية في التيار من جديد اليوم، سلوك الرئيس المكلف. فقد رأت ان “التأخير الحاصل في عملية تشكيل الحكومة مردُّه، في شقه الداخلي الظاهر، الى وجود محاولة واضحة لتجاوز الصلاحية الدستورية لرئيس الجمهورية كشريك كامل في عملية تأليف الحكومة وكرئيس للبلاد والإصرار من جانب رئيس الحكومة المُكّلف على القفز فوق الميثاقية وعلى عدم إعتماد معايير واضحة وواحدة للتعامل مع كافة اللبنانيين”، كما لمست “وجود نيةٍ للقفز فوق التوازنات الوطنية وللعودة الى زمن التهميش وقضم الحقوق وهذا ما لا يمكن السكوت عنه”.
إبلاغ المتضررين: الغموض المقلق الذي يلفّ الواقع الحكومي، يكتنف ايضا مصيرَ التحقيقات في ملف انفجار المرفأ، وقد حذرت الهيئة السياسية في التيار من “تضييعها”. عمليا، وفي وقت عُلّقت هذه التحقيقات في انتظار بت محكمة التمييز بطلب تنحية المحقق العدلي في الجريمة القاضي فادي صوان، يكثر الحديث عن تلاقي مصالح بين اهل المنظومة الحاكمة، قد يطيح صوان ويكفّ يده عن الملف… في الانتظار، باشرت محكمة التمييز الجزائية برئاسة القاضي جمال الحجار، إجراءات تبليغ أطراف الخصومة في قضية انفجار مرفأ بيروت، مضمون المذكرة التي تقدم بها الوزيران السابقان النائبان علي حسن خليل وغازي زعيتر، وطلبا فيها نقل الدعوى من عهدة صوان بسبب “الارتياب المشروع” الى قاض آخر. واستهلت إجراءات التبليغ بالقاضي صوان، الذي بدأ إعداد جوابه على المذكرة، ولذلك سارع الى تعليق التحقيق في الملف مؤقتا بانتظار قرار محكمة التمييز، كما جرى إبلاغ النيابة العامة التمييزية بالأمر، على أن يبدأ مطلع الأسبوع المقبل إبلاغ الأطراف الأخرى ومنها نقابة المحامين بوكالتها عن المدعين المتضررين وأهالي الضحايا، وجميع المدعى عليهم من موقوفين وغير الموقوفين، وطلب القاضي الحجار من صوان تزويده بأرقام وبعناوين هؤلاء وأسماء وكلائهم القانونيين. ويرجح أن يتولى المحامي العام التمييزي الإجابة على مذكرة خليل وزعيتر، وأن يترك لمحكمة التمييز اتخاذ القرار الذي تراه مناسبا، والذي يلبي مصلحة التحقيق ويراعي مصالح الضحايا المتضررين من انفجار المرفأ.
استقالة ولجنة اممية: التخبّط هذا، سياسيا وقضائيا، والذي يُحمّله للمنظومة الحاكمة، صوّب عليه مجددا رئيس حزب القوات سمير جعجع اليوم، رافضا وضع الازمة الحكومية في خانة الصراع على الصلاحيات أو لتحصيل حقوق هذه الطائفة او تلك، معلنا ان “لو كنت مكان رئيس الجمهورية لاستقلت، وعلى كلّ المجموعة الحاكمة التنحّي“. وقال بعد اجتماع تكتل “الجمهورية القويّة” في معراب: رأينا ما حصل في تحقيق انفجار المرفأ، ونحن ارتيابنا مشروع إنطلاقاً من أن الحقّ يقع على الكثير من مسؤولي الدولة. واضاف “كنّا نتمنّى أن يصل التحقيق المحلّي الى نتيجة وألا توضع العراقيل في طريقه ولا يمكن أن نصل الى الحقيقة إلا من خلال لجنة تقصي حقائق”، مردفا “على رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الأعمال الطلب من الدول الصديقة التوجه إلى الأمين العام للأمم المتحدة لتشكيل لجنة تقصي حقائق عوضاً عن تقاذف التهم“. وتابع: أثبت تسلسل الأحداث أن المجموعة الحاكمة غير كفوءة وغير قابلة للحياة من جديد، وأصبحت الأزمة في الفترة الأخيرة أزمة صلاحيات في حين أنّ المعركة ليست معركة صلاحيات والمشكلة ليست بين المسلمين والمسيحيين بل في الطبقة الحاكمة التي أوصلت البلد الى ما نحن عليه، مضيفا “الحلّ الوحيد انتخابات نيابية مبكرة تشكّل السلطة من جديد والأزمة اليوم هي أزمة رجال غير موجودين“، مضيفا “لسنا مع تشكيل حكومة عاديّة أو حكومة وفاق وطني و”ما بتزبط الأمور على طريقة وداوني بالتي كانت هي الداء“.
ودائع الناس: وعشية جلسة تشريعية محددة الاثنين المقبل، من المستبعد ان يقرّ خلالها قانون رفع السرية المصرفية، اشار جعجع الى ان “على الدولة دعم الأسر المحتاجة ولا يحقّ لها مدّ اليد على جيوب الناس لدعمهم ولذلك نحن ضدّ المسّ بالإحتياطي الإلزامي أي ودائع الناس. والدعم كما عمل على أساسه في السنة الأخيرة جريمة لأنه تمّ تهريب قسم كبير الى سوريا والقسم الآخر استفاد منه كبار التجار والمستوردين وقسم آخر استفاد منه من لا يحتاج إليه”.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.