نقلا عن المركزية –
السعودية هي اليوم محور الحدث، ولو ان الطبق الرئيسي لبناني. في المملكة جمعة دولية اميركية- فرنسية سعودية منسقة مصريا وفاتيكانيا عنوانها منع انفجار لبنان في ظل قناعة شاملة ان لا ضمانة لعدم انزلاقه الى نقطة الارتطام، والوضع يتطلب استنفارا امميا لفرملة الاندفاعة السريعة في اتجاهها.
هي ربما حالة تدويل مقنّعة تفرض نفسها على لبنان، وقد استجلبتها عنوة ممارسات المنظومة الفاشلة . حالة وضعت البلاد على جداول الاعمال الاممية والتحركات والمفاوضات الدولية على امل ان تنجح في عملية الانقاذ قبل فوات الاوان، وما تقرير لجنة الدفاع والقوات المسلّحة في البرلمان الفرنسي الذي يوصي، في البند رقم ٦، بإرسال قوات دولية الى لبنان بشكل طارئ تحت سلطة الأمم المتحدة والبنك الدولي، الا الدليل القاطع الى هذا المسار.
وفي لبنان، مواقف سعودية تؤكد العودة السياسية القوية اليه وعدم تركه لقمة سائغة لمن يجره الى المحاور الهدّامة وحرص على هويته العربية مقابل كلام بطريركي انسيابي يتماهى مع التطلعات الفاتيكانية للبنان المحايد في مئوية العلاقة البطريركية- السعودية.
اما التشكيل ومصيره، فمعلق على حبال نتائج اتصالات الخارج و”تنازلات” الداخل المطلوبة من المعنيين بعدما بلغ تصعيد الرئيس المكلف سعد الحريري حدّ اشهار سلاح الاعتذار واضطرار حزب الله للتدخل في انتظار بعض الاجابات.
قوات دولية الى لبنان: في تطور بالغ الدلالات، صدر عن لجنة الدفاع والقوات المسلّحة في البرلمان الفرنسي تقريرٌ يوصي، في البند رقم ٦، بإرسال قوات دولية الى لبنان بشكل طارئ تحت سلطة الأمم المتحدة والبنك الدولي في سبيل تعزيز الأعمال الإنسانية ومساعدة اللبنانيين، ودعم الجيش اللبناني والقوى الأمنية لحفظ الأمن والإستقرار. كما شدد التقرير على ضرورة اجراء الانتخابات النيابية والرئاسية في العام ٢٠٢٢.
لبنان في الرياض: ومن فرنسا الى الرياض ، رصدا لما يمكن ان ينتج عن حركة السفيرتين الفرنسية آن غريو والاميركية دوروثي شيا، في المملكة، ومحورها لبنان ودعم شعبه وجيشه سيما في ظل تعثر جهود تشكيل الحكومة، وقد افيد ان التأليف سيحضر في الاجتماعات التي ستجرى في الخارجية السعودية، الا انه ليس هدفها الاساسي. ومن المفترض ان يعقب هذه المحادثات بيانان سيصدران عن السفيرتين.
مئوية العلاقة: اما في الداخل – ووسط انعدام الحركة على ضفة التشكيل، وتضارب المعلومات في شأن اعتذار الرئيس المكلف سعد الحريري، مع العلم ان ثمة معطيات تشير الى انه قد يحمل تشكيلة جديدة الى بعبدا في ضوء المواقف اللينة التي اطلقها رئيس تكتل لبنان القوي النائب جبران باسيل امس – فكان الحدث اليوم في بكركي، حيث حضرت العلاقات اللبنانية – السعودية، والحرصُ على استمرارها، والعوامل التي أدّت الى تدهورها، بقوة.
محاور تمسّ الهوية: ففي الاحتفال بمئوية العلاقة بين البطريركية المارونية والمملكة السعودية، قال السفير السعودي وليد بخاري، “نأمل من الافرقاء السياسيين تغليب المصلحة اللبنانية، لكن البعض يحاول العبث بالعلاقة بين لبنان وعمقه العربي وداخله بمحاور تمس بهوية لبنان العربية“. وأكد ان “لا شرعية لمفهوم الاقليات امام شرعية مسلمة ومسيحية”. وقال: “العروبة تتسع للجميع، وتفخر بقبول الآخر. وانطلاقا من رمزية المناسبة تجدد السعودية الشراكة تحت مظلة عربية ركائزها المحبة والسلام ولا نسمح المساس بالهوية اللبنانية تحت أي ذريعة، فالمسيحي كما المسلم مكون أساسي في الهوية المشرقية”. واشار الى “انها مناسبة جامعة للفكر والثقافة وتجسد عمق العلاقة بين السعودية والبطريركية المارونية للحفاظ على لبنان الرسالة والحر السيد المستقل“. وقال: “سلام على مئوية لبنان الكبير وعلى الشراكة الأخوية، ومن صرح المحبة نجدد العهد بدور السعودية بمد جسور الانفتاح وتعزيز السبل لكرامة الانسان“. واشار الى ان “لبنان مشروع سلام وارض تسامح وتعددية تلتقي فيها الأديان هذا ما قاله البابا”، وقال: “انطلاقا من مرجعية بكركي نوصي بالحفاظ على الوحدة الوطنية في لبنان“.
لم تورّط لبنان: من جانبه، اكد البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي ان “السعودية تبقى صديقة للبنان وللبطريركية المارونية، آملين تشكيل الحكومة واجراء الانتخابات النيابية وبعدها الرئاسية“. ولفت الى ان السعودية “لم تعتد على سيادة لبنان يوما، ولم تستبح حدوده ولم تورطه في الحروب”. وقال “تعاطت المملكة مع لبنان واحترمت خيار اللبنانيين وهويتهم وتعدديتهم ونظامهم وتقاليدهم ونمط حياتهم“. واكد ان “علاقة البطريركية بالمملكة تتخطى الاعتبارات التي تتحكم بعلاقة دولة بدولة، والسعودية نحبها كما هي ولا ننظر اليها من خلال خياراتها السياسية وعلاقاتها العربية، علاقتنا بها تتخطى المحاور الى محور جامع هو الشركة المسيحية الاسلامية“. وقال الراعي “مع السعودية بدت العروبة انفتاحا واعتدالا ولقاء واحترام خصوصيات كل دولة وشعب وجماعة والتزام مفهوم السيادة والاستقلال، مع السعودية برزت العروبة لا كمشروع عقائدي يتحدى المشاعر الوطنية والخصوصيات الحضارية، مع السعودية احتجب البعد الجغرافي امام جيرة العقل والقلب“. وقال “لن ننسى وساطات المملكة طوال فترة الحرب على لبنان وخصوصا ان السعودية كانت أول دولة عربية اعترفت باستقلال لبنان واحترمت خيار اللبنانيين وتقاليدهم“. اضاف: “السعودية تفهم معنى وجود لبنان وقيمته في الدول العربية وكانت تهب دائما لضمانة استقلاله وسيادته. وكم نتمنى أن تستعيد العلاقات اللبنانية السعودية عفويتها وتقاليدها السابقة حين كان قادة المملكة يزورون ربوع لبنان ويلاقون الترحيب الشعبي، يومها كان عندنا دولة واحدة“. واكد ان “السعودية لم تميز بين لبناني وآخر، كنا نستشعر احتضانها للمسيحيين، فأبناؤنا يهاجرون من أجل العمل لا للسياسة، وهم رسل لبنان لا رسل دولة اخرى او مشروع اخر“.
العهد يعرقل: في المواقف المحلية، لا شيء يوحي بالفرج الحكومي قريبا. فقد شدد عضو كتلة المستقبل النائب محمد الحجار على أن الرئيس المكلف يسعى منذ تكليفه، داخلياً وخارجياً، الى تدوير الزوايا تحت سقف الدستور للوصول الى حكومة تتمتع بالمواصفات التي وضعها المجتمع الدولي، غير أن كل المحاولات باءت بالفشل، مشيرا الى ان الاعتذار خيار وارد لدى الحريري الذي لم يصل بعد الى هذا القرار ولكن عندما يتخذه سيعلن عنه بنفسه.
اذا صدقت النوايا: من جانبها، أعلنت كتلة الوفاء للمقاومة بعد اجتماعها الاسبوعي في بيان أن ” الوقت لا يزال يسمح باستنهاض بعض الاوضاع بتشكيل الحكومة اذا ما صدقت النوايا واذا ما علا هم الانقاذ على اي هم اخر“.ودعت “الى حسم المواقف، فما يتيحه الحسم اليوم للبنانيين، افضل من التأخر، فبعد اضاعة الوقت الفرص قد لا تعود متوافرة“.
دوكان: ووسط تردي الاوضاع المعيشية، تجلّت الاحاطة الدولية بالشعب اللبناني من جديد. فقد بحث وزير المال في حكومة تصريف الأعمال في مكتبه في الوزارة مع السفير المكلف تنسيق المساعدات الدولية في لبنان بيار دوكان، في موضوع أهمية انعقاد المؤتمر الدولي الثالث الذي سيتم تنظيمه في باريس الشهر الجاري لدعم الشعب اللبناني في حضور عدد من رؤساء الدول والحكومات. وتطرق البحث إلى الإجراءات الآيلة إلى معالجة الأزمة الاقتصادية الحادة التي يمرّ بها لبنان وكيفية تضافر الجهود لضمان نجاح المؤتمر، كما جاء في بيان الوزارة.كما زار دوكان رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي شارل عربيد وتمحور البحث حول الازمة الاقتصادية والاجتماعية والافق المقفل وضرورة المضي بالاصلاحات .
قطر والجيش: كما أعلنت السفارة القطرية في بيروت في بيان، ان “في إطار استمرار دعم دولة قطر للبنان وشعبه الشقيق للخروج من الازمة الراهنة، واعلانها عن دعم الجيش اللبناني ب 70 طنا من المواد الغذائية شهريا لمدة عام، وصلت بتاريخ اليوم 8/7/2021 طائرة تابعة للقوات الجوية الاميرية القطرية الى مطار رفيق الحريري الدولي محملة ب 70 طنا من المواد الغذائية هبة للجيش اللبناني. وكان في استقبال الطائرة وفد ديبلوماسي من السفارة القطرية ووفد عسكري من قيادة الجيش اللبناني “.
اجراءات واضراب: في المقابل، الازمات اليومية على حالها. وفي حين أكدت جمعية مصارف لبنان أنها تدرس حالياً “الإجراءات التي يمكن اللجوء إليها للحؤول دون المَس بالاحتياطي الإلزامي من قبل الدولة أو المصرف المركزي”، أعلن تجمع أصحاب الصيدليات “الإضراب العام والمفتوح على كامل الاراضي اللبنانية، اعتبارا من صباح غد الجمعة، إلى حين اصدار وزارة الصحة لوائح الأدوية وتصنيفها بحسب الاتفاق مع المصرف المركزي، وهي الطريقة الوحيدة التي ستحمل المستوردين على الإفراج عن الأدوية التي وعدهم مصرف لبنان بصرف الاعتمادات لها مرارا ، فيستفيد منها المرضى بالسعر الذي تحدده وزارة الصحة لكل دواء بعد إصدار المؤشر الجديد للأسعار“. وأوضح في بيان أن “موقف التجمع يأتي بعدما أصدر مصرف لبنان قراره النهائي بشأن حصر الدعم بأدوية السرطان والأدوية المستعصية والمزمنة ولفترة زمنية محدودة. وبعد توقف المستوردين شبه الكامل عن تسليم الدواء للصيدليات، وبعد الاعتداءات المتكررة وحالات السطو على المؤسسات الصيدلانية من قبل البعض بحجة عدم حصولهم على أدويتهم، بالإضافة إلى انتشار الأدوية المزورة والمهربة بشكل غير مسبوق في البيوت والمستودعات وعلى وسائل التواصل الاجتماعي وفي دور العبادة، بحيث يتاجر فيها من لا يفقه بعالم الدواء وخطورته وطريقة حفظه بهدف تحقيق الأرباح بغطاء انساني مقنّع“.
الافراغ مساء؟: اما على خط المحروقات، وبينما الاشكالات الامنية تتكاثر امام المحطات، وأزمة البنزين على حالها، أعلن عضو نقابة أصحاب المحطات جورج البراكس أن “هناك وعوداً بأن مصرف لبنان سيحل مشكلة الباخرتين الراسيتين في عرض البحر”، واشار في بيان الى ان “في حال التفريغ اليوم سيتم توزيع المحروقات على السوق بدءاً من يوم غد، ما سيساعد في فتح المحطات المقفلة“. وناشد مصرف لبنان “الإسراع في اعطاء الموافقات المسبقة لشركات استيراد النفط لزوم البواخر التي ستصل خلال الشهر الجاري، حتى يتم تفريغها بسرعة وفور وصولها”، لافتا الى ان “على البنك المركزي التزام الاتفاق الذي تم مع السلطة السياسية والذي تم الاعلان عنه لاستيراد المحروقات خلال الثلاثة الاشهر المقبلة من أجل إراحة السوق وتشجيع الموسم السياحي وتنشيط الاقتصاد وتشجيع المغتربين على القدوم الى لبنان“. وفي السياق، أكد رئيس تجمع الشركات النفطية جورج فياض لـ mtv أن “مصرف لبنان سيحوّل اليوم إلى الخارج اعتمادات الباخرتين الموجودتين في المياه اللبنانية ليبدأ التفريغ مساءً“. وأوضح أن “الباخرتين تحملان ٧٠ مليون ليتر بين بنزين ومازوت ما سيخفف من حدة الازمة حتى الخميس المقبل، في انتظار منح موافقات مسبقة للبواخر التي تصل تباعاً اعتباراً من السبت وخلال الاسبوع المقبل“.
التجديد لليونيفيل: من جهة ثانية، أبلغ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جوانا فرونتسكا في خلال استقباله ، ان “لبنان الذي يلتزم تطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته، يرغب في أن يتم التمديد للقوات الدولية العاملة في الجنوب “اليونيفيل” من دون تعديل في المهمة والعديد، نظرا الى الدور الذي تلعبه مع الجيش اللبناني في المحافظة على الاستقرار في المنطقة منذ العام 2006“. واعتبر الرئيس عون ان “التنسيق الدائم بين “اليونيفيل” والجيش اللبناني، هو ضمانة لتفادي أي إشكالات أو حوادث مع الاهالي”، معربا عن امله في “استئناف المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية الجنوبية من دون شروط مسبقة لما فيه مصلحة الأطراف المعنيين”، منوها بـ”الجهد الذي تقوم به منظمات الأمم المتحدة في لبنان في مختلف المجالات“. وكانت فرونتسكا أعلمت الرئيس عون في خلال الاجتماع بأن “مجلس الامن سوف يلتئم في 22 تموز الجاري لعرض التقرير الدوري حول القرار 1701، وسيتناول الوضع في لبنان عموما وفي الجنوب خصوصا، بالإضافة الى التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية“.
مواقف قاسية: اما في ملف تحقيقات المرفأ، وفيما تجتمع في عين التينة غدا اللجان المختصة للبحث في رفع الحصانات، علمت “المركزية” ان ستكون لتكتل “الجمهورية القوية” مواقف قاسية غدا لقطع الطريق على المماطلة، والموافقة على رفع الحصانة سريعا. اما على الارض، فقد نفذ عدد من أهالي ضحايا انفجار المرفأ وناشطون، وقفة أمام قصر العدل في بيروت، دعما للمحقق العدلي في القضية القاضي طارق البيطار، وللإجراءات الأخيرة التي اتخذها. ورفع المعتصمون لافتات دعم للمحقق العدلي تطالب بـ”رفع الحصانات عن نواب وقادة أمنيين“.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.