نقلا عن المركزبة –
أشار البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي إلى “أنّنا نشهد اليوم سياسة الشعب المحروق، والسياسيّون يُمارسون سياسة جهنّمية بسوء التقدير وسوء الحوكمة والمكاسب والسير عكس أماني شعبنا”.
وفي عظة قداس الأحد، توجّه للمسؤولين بالقول: “لا يكفي أن تعترفوا بعجزكم وضعف صلاحياتكم لتُبرّروا المراوحة وتتركوا الأزمات تتفاقم والإنهيار يتسارع.. البلاد ليست ملكيّة خاصة لكي تسمحوا لأنفسكم بتفليسها وتدميرها فهذه الدولة هي ملك شعبنا”.
وجاء في العظة: “كم هو ضروريّ أن يصلّي كلّ مسؤول من أجل خلاصه الشخصيّ ومن أجل أن يحكم بالعدل والتفاني بغية تأمين الخير العام الذي منه خير كلّ مواطن وكلّ المواطنين. المسؤول الذي يصلّي يخاف دينونة الله، أمّا الذي لا يؤمن ولا يصلّي فليَخف دينونة الشعب. نقول للمسؤولين الذين يعطّلون تأليف الحكومة ونهوض الدولة: لقد عرفنا سياسة الأرض المحروقة، لكنّنا نرى في هذه الأيّام سياسة الشعب المحروق. العالم كلّه ينتظرنا لكي يتمكّن من مدّ يد المساعدة من أجل إنهاض الدولة. أمّا أنتم فغارقون في لعبةٍ جهنميّة، في الأنانيّات والأخطاء، في سوءِ التقدير وسوءِ الحوكمة، في المحاصصةِ والمكاسب، وفي السيرِ عكسَ أماني شعبِنا…
لا يكفي أن تعترفوا بعجزكم وضعفِ صلاحيّاتكم لتبرّروا المراوحة، وتتركوا الأزماتِ تتفاقم والمآسي تتعمّق والانهيارَ يتسارع. هذه البلاد ليست ملكيّةً خاصّةً لكي تسمحوا لأنفسِكم بتفلسيها وتدميرِها. هذه الدولة هي ملكُ شعبِها وتاريخِها وأجيالِها الطالعة. أمام عدم معالجة الأمور العامّة الحياتيّة، نتساءل إذا ما كنتم مكلّفين بتدميرِ بلادنا، وإلا لِمَ هذا الجمود فيما فُرصُ المعالجةِ متوفّرة، ونحن في زمنٍ فيه حلولٌ لكلِّ شيءٍ؟
إنّنا ندعو الدولة إلى التحرّك نحو الدول الشقيقةِ والصديقة وتتفاوض معها لمساعدةِ لبنان اليومَ قبل الغد. فالشعبُ لا يحتمل مزيدًا من القهر والإذلال. الدولُ مستعدّةٌ لتلبيةِ النداء، لكنّها تفترض أن تكون الدولةُ دولةَ لبنان ودولةَ شعبِ لبنان، وشرعيّتُها تَمتلِك قرارَها الحرَّ والمستقلّ. لقد حان الوقت لخروج الدولةِ من لعبةِ المحاورِ الإقليميّة، وتعيدَ النظرَ بخِياراتها التي أثبتَت التطوّراتُ أنّها لا تَصبُّ في مصلحةِ البلادِ والاستقلالِ والاستقرارِ والوِحدةِ والازدهار، وأنّها قَضَت على عَلاقاتِ لبنانَ العربيّةِ والدوليّة. لقد ضَربت هذه الجماعةُ السياسيّةُ سُمعةَ لبنان الدوليّة، فيما كان اسمُ لبنانَ رمزَ الإبداعِ والنهضةِ والازدهارِ في بلاد العربِ والعالم.
وندعو حكومة تصريف الأعمال لتقوم بواجباتها بحكم الدستور والقانونِ والضميرِ،فتبادرَ إلى توفيرِ الغذاءِ والدواءِ والمحروقات وحليب للأطفال. أليس من أبسطِ واجباتها دهمُ مستودعاتِ وخزّاناتِ الاحتكار، وتوقيفُ شبكات التهريب المنظَّمةَ والمحتضَنةَ، وإقفال المعابرِ غيرِ الشرعيّة وضبطُ المعابر الشرعيّة، وإقفال المتاجرَ ومنع غلاء الأسعار والتزوير؟
رغم فداحةِ الأزمة، الحلولُ موجودةٌ وسبلُ الإنقاذِ متوفِّرة، لكن هناكَ من يَمنعون تنفيذَ الحلولِ كما يمنعون تأليفَ الحكومة. هناك من يريدُ أن يُقفلَ البلاد ويَتسلَّمَ مفاتيحَه. هذه رهاناتٌ خاطئة. هذا بلدٌ لا يُسلِّم مقاليدَه لأحدٍ ولا يَستسلمَ أمامَ أحد. جذوةُ النضالِ في القلوب حيّة. بلادنا تمتلِكُ، رغم الانهيار، جميعَ طاقاتِ الإنقاذِ، لكنّها تحتاج إلى قيادةٍ حكيمةٍ وشجاعةٍ ووطنيّة تُحبُّ شعبَها. وإذا لم تتوفّر هذه القيادة، فمسؤوليّةُ الشعبِ أن يَنتظمَ في حركةٍ اعتراضيّةٍ سلميّةٍ لإحداثِ التغييرِ المطلوب، ولإستعادةِ هوّيةِ لبنان وحياده الناشط ومكانه في منظومةِ الأمم، وصداقاته، والدورةِ الاقتصاديّةِ والحضاريّةِ العالمية، ودوره في الإبداع والسلام”.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.