نقلا عن المركزية –
ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس عيد الأب على مذبح كنيسة الباحة الخارجية للصرح البطريركي في بكركي “كابيلا القيامة” عاونه فيه المطارنة منير خيرالله، مروان تابت، غريغوري منصور، حنا علوان، بيتر كرم، انطوان ابو نجم، امين سر البطريرك الاب هادي ضو، الأب جوزيف طنوس، ومشاركة عدد من المطارنة والرؤساء العامين والرئيسات العامات والكهنة والراهبات، في حضور حشد من الفاعليات والمؤمنين.
بعد الانجيل المقدس، القى الراعي عظة بعنوان “كلمتي هي للآب الذي أرسلني” ( يو 14: 24)، قال فيها: “إنجيل اليوم هو اعلان بامتياز لسر الله الواحد والثالوث: الآب يرسل الإبن، والإبن يحمل إلينا كلمته الهادية، والروح القدس، المرسل من الآب باسم الإبن، يعلمنا كل شيء، ويذكرنا بكل ما قاله الإبن (راجع يو 14: 24 و 26). يريد الله الثالوث أن يسكن في قلب الإنسان، لكي يكون هذا الإنسان حقا على صورة الله، كما شاء الخالق منذ البدء (راجع تك 1: 27). ويريد أن يجعل سكناه في الإنسان عقلا وإرادة وقلبا. أما السبيل فواحد، حدده الرب يسوع: “من يحبني يحفظ كلمتي، أنا أحبه، وأبي يحبه، وإليه نأتي وعنده نجعل منزلا … والروح الذي فيكم يعلمكم كل شيء” (يو 14: 23 و 26). أعاننا الله على السير في هذا السبيل. يسعدنا أن نحتفل معكم بهذه الليتورجيا الإلهية في مناسبة عيد الأب واختتام سنة العائلة “فرح وحب”، وهو إحتفال ينظمه ككل سنة مكتب راعوية الزواج والعائلة في الدائرة البطريركية. فأحيي شاكرا منسقي هذا المكتب: قدس الأباتي سمعان أبو عبدو والمهندس سليم الخوري وزوجته السيدة ريتا. لا يقتصر عمل منسقي المكتب على إحياء عيد الأب بكل مضامينه، بل ينظمون مكتب الوساطة والإصغاء في محكمتنا الروحية، وبرنامج الديبلوم في المرافقة العائلية بالتعاون مع جامعة الحكمة، وبرنامج الديبلوم في الوساطة مع جامعة القديس يوسف. وقد تخرج العشرات في كل من هذين البرنامجين. وفيما أهنئ حاملي شهادة الديبلوم، أود الإعراب عن عميق شكري للجامعتين الزاهرتين: الحكمة والقديس يوسف. إنهما كنزان في الكنيسة ولبنان. نسأل الله أن يباركهما بفيض من نعم الخير والنمو والإزدهار من اجل خدمة شبيبتنا اللبنانية”.
وتابع: “وإننا نعلن قربنا من كل أب يعاني هموم عائلته، في هذه الظروف الإقتصادية والإجتماعية والمعيشية الخانقة، فضلًا عن البطالة والمرض وغلاء الدواء. ونضاعف جهودنا أشخاصًا ومؤسسات لمساعدة العائلات في مواجهة هذه الصعوبات، متكلين على العناية الإلهية، وعلى أبوة الله الذي منه كل عطية صالحة. نذكر في صلاتنا كل أب، داعين له بالعمر الطويل والصحة على رأس عائلته؛ ونصلي من أجل راحة نفوس والدينا الذين سبقونا إلى بيت الآب. وإني إذ أرحب بكم جميعًا، أوجه تحية خاصة إلى عائلة إبنة أخي المرحومة جورجيت التي ودعناها بكثير من الأسى وبصلاة الرجاء منذ حوالي الشهر، مع زوجها وابن خالتنا عزيزنا رزق الله أبو الياس وأبنائها وشقيقيها وشقيقاتها وعائلاتهم وسائر أنسبائنا. نصلي في هذه الذبيحة الإلهية لراحة نفسها، ولعزاء أسرتها. يجب ألا ننسى أن عطية الله العظمى هي سكناه في كل واحد وواحدة منا. لا أحد يدرك ثمار سكنى الله فيه، فالله لا يأتينا فارغ اليدين، فلنذهب إليه. يقول القديس أغسطيونس: “الأقانيم الثلاثة الآب والإبن والروح القدس، ذوو الطبيعة الإلهية الواحدة، يأتون إلينا عندما نذهب نحن إليهم؛ هم يأتون إلينا عاضدين لنا، ونحن نذهب إليهم طائعين لهم؛ هم يأتون مالئيننا بحضورهم، ونحن نذهب إليهم مستقبلينهم. لا يُظهرون ذواتهم لنا بشكل خارجي بل داخلي يختبره الانسان في عمق نفسه. وسكناهم فينا ليست عابرة بل مستدامة” (شرح إنجيل يوحنا، العظة 76، عدد 4). هل ننسى ما أكده لنا الرب يسوع عن عناية أبينا السماوي الذي يقوت طيور السماء، وهي لا تزرع ولا تحصد، والذي يلبس زنابق الحقل أبهى الحلل وهي لا تغزل؟ فلا تهتموا وتقولوا: ماذا نأكل؟ وماذا نشرب؟ وماذا نلبس؟ إن أباكم السماوي يعلم أنكم تحتاجون إلى هذه كلها. فاطلبوا أولا ملكوت الله وبره وتلك كلها تزاد لكم (راجع متى 6: 25-33)”.
أضاف: “الدولة هي في مثابة الأب والأم بالنسبة إلى المواطنين. وخيراتها وإمكاناتها توظف من أجل خير كل المواطنين. من هذا المنظار تتخذ السلطة السياسية مفهومها ودورها ومسؤوليتها. من هذا المنطلق نعود فنطالب بتشكيل حكومة جامعة بأسرع ما يمكن ونناشد جميع القوى السياسية المؤمنة بكيانِ لبنان الحر والسيد والمستقل والقوي والصامد، أن تحيد صراعاتها ومصالحها وتوفر الاستقرار السياسي ليس فقط من أجل تشكيل الحكومة وانتخاب رئيس جديد للجمهورية، بل أيضا لدرء أيِ خطر إقليميٍ عن لبنان. وفوق ذلك، إن اكتمال السلطة الشرعية شرط أساسي لإكمالِ المفاوضات مع المجتمعِ الدولي وصندوق النقد الدولي، ولاستكمال المحادثات بشأن الحدود البحرية الجنوبية التي يتوقف عليها مصير الثروة النفطية والغازية”.
وختم الراعي: “نظرا لعدم وضوح الرؤية في الوقت الراهن والمستقبل القريب، فإن المصلحة العامة تقتضي أن تكون الحكومة المقبلة ذات صفة تمثيلية وطنية محررة من الشروط الخارجة عن الدستور والميثاقِ والأعراف. فلا يكون فيها حقائب وراثية، ولا حقائب ملك طائفة، ولا حقائب ملك مذهب، ولا حقائب ملك أحزاب، ولا حقائب رقابية على حقائب أخرى. نريد حكومة تتساوى فيها المكونات اللبنانية في تحمل جميع المسووليات الوزارية. ونريد حكومة شجاعة في التصدي لكل ما هو غير شرعي، ومؤهلة للتعاطي مع المجتمعين العربي والدولي. في هذا اليوم الذي نجدد فيه ايماننا بسر الثالوث الأقدس الساكن في قلوبنا نلتمس المحبة والرحمة وروح التآخي، من أجل حياة عائلية واجتماعية ووطنية أفضل. له المجد والتسبيح الآن وإلى الأبد، آمين”.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.