نقلا عن المركزية –
توجّه الكردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي إلأى أركان السّلطة سائلاً: “أيّها المسؤولون المدنيّون المتعاطون الشأن السياسيّ، أتدركون أنّ الله في سرّ تدبيره وضع للعالم نظاماً ليعيش الناس والشعوب في سلام، ويتفاهموا ويرعوا شؤون مدينة الأرض، وينعموا بالخير والعدل. فكانت السلطة السياسية التي تطورت عبر مراحل إنشائها وتكوينها وصلاحياتها، وهي مدعوة دائماً لاستلهام مشيئة الله وتصميمه الخلاصي”.
أضاف الراعي خلال عظة “أحد النسبة” في بكركي: “أتعرفون أيّها المسؤولون، أنّ “الله يملك على كلّ الأمم” (إرميا 10: 7 و 10)؛ ويفرض على متولّي السلطة أن يمارسها محافظًاً على شريعته ورسومه؟ هل تعرفون في ضوء كلّ هذا أن السلطة المدنيّة هي ذات طابع أخلاقيّ يشكّل الأساس للعمل السياسيّ؟ فلأنّكم تجهلون كلّ هذا، أنتم تعتدون على مشيئة الله، وتمعنون في قهر الشعب الذي انتدبكم وأتمنكم: تمعنون في إفقاره وظلمه وتحقيره وحرمانه من حقوقه الأساسيّة ليعيش بكرامة في وطنه، وتمعنون في تشريده وتهجيره، واعتباره “كنفاية”، بحسب تعبير قداسة البابا فرنسيس.
وتابع: “كفّوا إذاً، أيّها السادة النواب ومن وراءهم عن هذه السلسلة من الإجتماعات الهزليّة في المجلس النيابيّ، والمحقّرة في آن لكرامة رئاسة الجمهوريّة من
جهة، وللإستفادة من شغورها من أجل مآرب سياسيّة ومذهبيّة من جهة أخرى، فضلًا عن السعي إلى تفكيك أوصال الدولة والمؤسّسات. عودوا إلى نفوسكم واعلموا أنّ جماعة سياسيّةً، حاكمةً بالأصالةِ أو بالوكالة، ومعارضةً بالأصالةِ أو بالوكالة، لا بَّد من أن تَسقطَ مهما طالت السنواتُ ما دامت تُهمِلُ إرادةَ الشعبِ وتَعتبره كميّةً لا قيمة لها وحرفًا ساقطًا. لقد أرسَلَكم الشعبُ إلى البرلمانِ لتَنتخِبوا رئيساً لا لتُحْدِثوا شغوراً رئاسيّاً. واللهُ أعْطاكم مناسبة تَجَلٍ لتَنتخِبوا رئيساً في الـمُهلةِ الدُستوريّةِ، فحَوَّلتُموها زمن تَخَلٍ لا نَعرف متى يَنتهي، ووسيلة إهمال جديد لرغبة الشعب الذي يريد رئيساً يَحمي ظهرَ لبنان وصدَره لا ظهر هذا أو ذاك. فمتى كان ظهر الدولة محميًّا، فظهر كلّ المكوّنات اللبنانيّة يكون محميّاً. الشعب يريد رئيساً لا يَخونه مع قريبٍ أو بعيدٍ ولا يَنحازُ إلى المحاور؛ رئيساً يُطمئنه هو ويَحمي الشرعيّة لتضبط جميع قوى الأمرِ الواقع؛ رئيساً يَعمل مع مجلسِ وزراءَ جديدٍ وفعّالٍ ومُوَحّدِ الكلمةِ فتعود الحياة الطبيعيّة إلى مؤسّسات الدولة وإداراتها”.
ورأى الراعيأنّ “كلّ ما يجري على الصعيدِ الرئاسيِّ والحكوميِّ والنيابيِّ والعسكريِّ في الجنوب وعلى الحدود، وتآكلِ الدولةِ رأساً وجسماً، يؤكّد ضرورةَ تجديدِ
دعوتنا إلى الحيادِ الإيجابيّ الناشطِ، وإلى عقدِ مؤتمرٍ دُوَليٍّ خاصٍّ بلبنان، يعالج القضايا التي تعيد إليه ميزته وهويّته فلا يَفقِدَ ما بنيناه في مئة سنة من نظامٍ وخصوصيّةٍ وتعدّديةٍ وحضارةٍ وثقافةٍ ديمقراطيّةٍ وشراكةٍ وطنيّة، جعلت منه “صاحب رسالة ونموذج في الشرق كما في الغرب”، بحسب قول البابا القدّيس البابا
يوحنّا بولس الثاني.
أضاف: “لقد آلمنا للغاية إغتيال الجندي الإيرلنديِّ منذ ثلاثة أيّام، وهو من أفراد القوّات الدوليّة في الجنوب اللبنانيّ. إنّنا نشجبها وندينها بأشدّ العبارات. ونُعزي بلدَه الصديق وعائلتَه، والكتيبة الإرلنديّة وقائد القوّات الدوليّةّ وجنودها. وإنّنا نلتمس الشفاء العاجلِ لرفاقة المصابين. إن هذا الجنديَّ الإيرلندي الذي جاء إلى لبنان ليَحميَ سلامَ الجنوب، استشهد فيه برصاصة حقد إغتالته. هذه الحادثة المأساويّة التي تشوّه وجه لبنان، إنما تستوجب تحقيقًا شفافًا لبنانيّاً وأمميّاً يكشف الحقيقة ويجري العدالة. لقد حان الوقتُ، بل حانَ من زمان، لأن تضعَ الدولةُ يدَها على كلِّ سلاحٍ مُتفلِّتٍ وغيرِ شرعيٍّ وتطبّق القرارِ 1701 نصاً وروحاً لأن تطبيقَه حتى الآن هو انتقائيّ واعتباطيّ ومُقيّد بقرارِ قوى الأمر الواقع، فيما الدولةُ تَعَضُّ على جُرحها، وعلى تقييد قدراتها لصالح غيرها”.
ولفت الراعي إلى أن “الضابطة الجمركيّة تعاني من شغور في الجهاز الإداريّ. وطلب منّا وفد الرتباء التوسط لدى المسؤولين في إدارة الجمارك من أجل تطبيق القانون الذي ينظّم شؤون الضابطة الجمركيّة، وفتح مباراة لملء الشواغر في الجهاز الإداريّ من داخل الملاك، وسنقوم بذلك”.
وقال: “كنّا ننتظر وفداً من بلدة رميش العزيزة. الذين يشتكون من التعديات الحاصلة على أراضيهم وعمليات جرف وبناء إنشاءات تقوم بها جهات نافذة في المنطقة. إننا إذ نأسف لما تتعرض له أراضي البلدة من تعديات في مزرعة سموخيا المحاذية للحدود الدولية من قبل عناصر قوى الأمر الواقع التابعة لأحد الأحزاب في المنطقة . نهيب بالأجهزة الأمنية القيام بواجبها في حماية أرزاق أبنائنا وطمأنتهم، وإزالة المخالفات فوراً وسحب العناصر الغريبة عن البلدة، ووضع حد لكل الممارسات والتعديات التي تسيء إلى العيش المشترك فيشعر أهالي رميش الأحبّاء أنهم ينتمون إلى دولة تحميهم وتضمن سلامتهم وحرية عملهم في ارضهم”.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.