نقلا عن المركزية –
في زيارة لافتة بتوقيتها ومضامينها السياسية ايضا، استقبل قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم في القصر الرسولي في الفاتيكان، الرئيس المكلف سعد الحريري، في حضور الوزير السابق غطاس خوري والمستشار باسم الشاب وعقد معه اجتماعا “تم خلاله التطرق الى العلاقات التاريخية بين الكرسي الرسولي ولبنان والدور الذي يمكن ان يقوم به الفاتيكان لمساعدة لبنان على مواجهة الازمات التي يمر بها” وفق ما أعلن المكتب الإعلامي للحريري.
وفي ختام اللقاء، قدّم الرئيس الحريري – الذي اعلن ان الفاتيكان يدرك مَن هو مصدر المشكلة في لبنان وان الخلاف في البلاد سياسي وليست طائفيا، معتبرا ان “السياحة” تحصل في القصر الجمهوري – للحبر الأعظم هدية تذكارية عبارة عن عمل فني بعنوان القديس جاورجيوس والتنين، انجزه مسيحيون فلسطينيون من الجيل الثالث في كولومبيا. في الموازاة، افادت مصادر الوفد اللبناني ان الفاتيكان يعتبر مَن يعرقل الحل مسؤولا عن هجرة المسيحيين.
بارولين: وفي اطار الاجتماعات التي عقدها مع المسؤولين الفاتيكانيين، التقى الحريري في حاضرة الفاتيكان ايضا، أمينَ سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين وأمين سر الدولة للعلاقات مع الدول المطران بول ريتشارد غالاغير تم خلاله التطرق الى القضايا الراهنة ذات الاهتمام الثنائي.
الحريري: وفي ختام لقاءاته في الفاتيكان، صرح الرئيس الحريري “تشرفت اليوم بزيارة قداسة البابا، وشرحت له المشاكل التي نعاني منها في لبنان، وقد وجدت قداسته يعرف هذه المشاكل القائمة في لبنان الذي هو بحاجة لمساعدة كل أصدقائه، وهذا ما طلبته من قداسته. وكان بدوره متفهما ومشجعا على أن نتمكن من تشكيل حكومة. كما كان حريصا على زيارة لبنان ولكن فقط بعدما تتشكل الحكومة. وهذه رسالة إلى اللبنانيين بأنه علينا أن نشكل حكومة لكي تجتمع جميع القوى والدول لمساعدتنا ونتمكن من النهوض بلبنان مع أصدقائنا. كذلك اجتمعت مطولا مع وزير الدولة ووزير الخارجية، وتحدثنا في كل المشاكل التي نعاني منها، وهم يفهمون ويعرفون من يعطل ومن لا يعطل. كما تباحثنا بالأمور التي يمكن أن نتساعد بها في ما بيننا لإنهاء هذه الأزمة وتشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن. وإن شاء الله ستكون هناك زيارات من الفاتيكان إلى لبنان ضمن إطار محاولة حلحلة الأمور”.
سئل: هل ستكون هناك مساعدة من قبل الفاتيكان أو قداسة البابا في مجال تشكيل الحكومة؟
أجاب: “أظن أن الحوار هو الأساس، والحوار الذي يقومون به أساسي وكذلك مجيئهم إلى لبنان. لكن ما يهمني هو ما قاله قداسة البابا من أنه يرغب بالمجيء إلى لبنان بعد تشكيل الحكومة، فهذه رسالة إلى كل اللبنانيين وكل الأفرقاء السياسيين بأن علينا الإسراع بتشكيل الحكومة”.
سئل: هل يعلمون في الفاتيكان أن الصراع في لبنان سياسي وليس طائفيا، بعكس ما يوحي به بعض الافرقاء في لبنان من أن معركتهم هي حقوق المسيحيين؟ هل عاتبكم قداسة البابا أو طلب منكم الحرص على حقوق المسحيين في لبنان؟
أجاب: “لم أسمع أي كلام من هذا النوع. قداسة البابا كان حريصا على وحدة لبنان والعيش المشترك فيه، وقداسته ينظر إلى اللبنانيين كجسم واحد، وينظر إلى لبنان على أنه رسالة ينبثق منها الاعتدال والعيش المشترك والواحد، وأن نكون كلبنانيين جسما واحدا. ولكن للأسف، هناك بعض الأفرقاء في لبنان يستخدمون هذا الأسلوب لضرب أي زيارة. وعلى العكس، أنا أرى أن هذا الكلام مردود عليهم في لبنان”.
سئل: هل المشاكل التي تعرقل تشكيل الحكومة داخلية أم خارجية؟
أجاب: “أنا أقول إن هناك مشاكل خارجية تتعلق بجبران وحلفائه، ولكن الأساس هو أن هناك فريقا أساسيا في لبنان يعطل تشكيل هذه الحكومة، وهذا الفريق معروف من هو”.
سئل: “حزب الله” أم “التيار الوطني الحر”؟
أجاب: “أنا أرى أن اللبنانيين يعرفون ويفهمون من يعطل، وأساسا المجتمع الدولي بات يفهم من يعطل هذه الحكومة”.
سئل: هل لدى الفاتيكان صورة واضحة عما يجري في لبنان وعمن يقف بالفعل وراء عرقلة الأمور؟
أجاب: “أظن أن الفاتيكان يعرف أكثر مني ومنكم المشاكل في لبنان، والموضوع سياسي وليس طائفيا أو مذهبيا. الخلاف في لبنان اليوم على وجهتي نظر اقتصاديتين: الأولى تريد وضع يدها على كل شيء في البلد، من القطاع المصرفي إلى القطاع الإنتاجي والاتصالات وكل شيء آخر، بحجة أنهم هم يريدون السيطرة على هذه الأمور ومراقبتها، وهناك فريق يؤمن بالاقتصاد الحر وبالتواصل مع كل العالم وليس فقط مع دولة أو اثنتين او ثلاثة. نحن نريد اقتصادا حرا ونريد أن نعمل مع أميركا وأوروبا والصين وروسيا وكل دول العالم، مقابل فريق لا يريد العمل إلا مع جهة واحدة، وهناك فريق لبناني يدعم هذا الفريق الأخير”.
سئل: نقل عن مصادر بكركي أنها تتفهم حق رئيس الجمهورية بتسمية الوزراء المسيحيين، فهل هذا المطلب سمعته اليوم من الفاتيكان بالحرص على تسمية الوزراء المسيحيين من قبل رئيس الجمهورية وليس من قبلك؟
أجاب: “الغريب أن الرسالة التي وصلتني من البطريرك أنه يدعم حكومة مستقلين اختصاصيين لكي تقوم بعملها، ولم أسمع أي كلام مختلف عن ذلك. هذه المصادر التي تتحدثون عنها معروفة ومعروف من سربها”.
سئل: لقاءاتك اليوم في الفاتيكان كانت مطولة وتم تمديدها، على عكس ما هو معتاد في الفاتيكان، فهل يمكن أن نسمع في القريب العاجل عن مبادرة من الفاتيكان بعدما كانت هناك مبادرة فرنسية ومن ثم روسية؟
أجاب: “أنا أرى أن المبادرة الفرنسية ما زالت قائمة لأنها مبنية على حلول واضحة سريعة وتصيب الأمور الأساسية في الاقتصاد اللبناني لوقف هذه الانهيار الحاصل. علينا أن نوحد كل المبادرات التي تأتي إلى لبنان تحت مصلحة البلد، ففي النهاية، لمصلحة من هذه المبادرات؟ هل لمصلحة فرنسا أو الفاتيكان أم لمصلحة لبنان والحفاظ على الكيان اللبناني؟ والاجتماعات كانت طويلة لأن المشاكل كبيرة أساسا”.
سئل: هل طلبتم من الفاتيكان أي تدخل مع أي دول قد تكون مؤثرة بالوضع في لبنان؟ أم طلبتم التدخل لدى فريق لبناني مسيحي هو “التيار الوطني الحر” للضغط عليه للتفاهم في موضوع الحكومة؟
أجاب: “طلبت من الفاتيكان أن يكون حريصا على لبنان وأن يتدخل حيث يرى إمكانية أن يتدخل ويكون فعالا، فهذا ما يهم لبنان واللبنانيين. بعض السياسيين في لبنان يحاولون أن يوحوا وكأننا غير قادرين على الخروج من هذه الأزمة أو أن الأزمة ستقوض البلد. كلا، نحن بالتأكيد في وضع سيىء جدا، لكن حين نتمكن من تشكيل حكومة سنتمكن من وقف هذا الانهيار، وهناك من يحاول أن يمنعنا من وقف الانهيار أصلا لأنهم يريدون للبنان أن ينهار كي يبقوا موجودين في السياسة”.
سئل: ماذا تقول لرئيس الجمهورية الذي كلما سئل عن تشكيل الحكومة يقول إنه ينتظر عودتكم من زياراتكم الخارجية التي وصفها بالسياحة الخارجية؟
أجاب: “لنقل إنني شكلت حكومة غدا، فما الذي سأقوم به فور التشكيل؟ أليس زيارة هذه الدول لكي أبدأ بالعمل معها لإعداد برنامج لصندوق النقد الدولي والإتيان بمساعدات إلى لبنان وطلب المساعدة من أوروبا والدول العربية. ما أقوم به اليوم هو استباق لتشكيل الحكومة، وحين أشكل الحكومة أباشر فورا بالعمل وأكون قد تحدثت سلفا مع كل الأفرقاء الذين سيأتون إلى لبنان وحينها نتمكن جميعا من النهوض بلبنان. المشكلة بهذا الكلام أنه يسيء للدول التي أزورها، ففعليا هذه الدول تريد أن تساعد لبنان وأن يكون لها دور في إنعاشه وإنقاذه، فيتحدثون في الصحافة اللبنانية أنني أقوم بالسياحة. كلا أنا لا أذهب في سياحة بل أعمل لأحقق أهدافا محددة، وربما هم بسياحة في القصر الجمهوري”.
دراغي:
الى ذلك، أجرى الحريري عند السادسة مساء بتوقيت روما، السابعة بتوقيت بيروت، محادثات مع رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي، في مقر رئاسة الحكومة الإيطالية، في حضور الوفد المرافق، تناولت آخر المستجدات والأوضاع العامة في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية بين البلدين، ولا سيما الدور الذي تقوم به الكتيبة الإيطالية ضمن إطار قوات اليونيفيل العاملة في جنوب لبنان.
دي مايو:
وكان الرئيس الحريري التقى عند الساعة الثانية من بعد ظهر وزير الخارجية الإيطالي لويدجي دي مايو في حضور الوفد المرافق،وأجرى معه جولة افق في الاوضاع الاقليمية والدولية.
مصادر: وليس بعيدا، أفادت مصادر وفد الحريري للفاتيكان ان الحريرية كانت وستبقى من الداعين والداعمين للمناصفة والحفاظ على حقوق الطوائف وهذا أمر اكده الحريري لقداسة البابا. وقالت ان الحبر الاعظم لن يزور لبنان إن لم تُشكّل حكومة فاعلة. واشارت الى أن البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي لم يبعث بأي رسالة سلبية إلى الفاتيكان بل أبلغ الكرسي الرسولي أنه يؤيد ما يطرحه الرئيس الحريري لجهة حكومة اختصاصيين.
ولفتت المصادر الى أن الفاتيكان يخشى على هجرة اللبنانيين والمسيحيين خصوصا ويعتبر أن من يقوم بتطويل الأزمة يساهم في تعزيز هجرة هؤلاء.
وأكدت أن الفاتيكان لا يريد أن تنتقل صراعات المنطقة إلى لبنان لا بل يريد أن يعود التوافق الدولي والإقليمي حول ضرورة الحفاظ على لبنان.
ومع امين السر دولة الفاتيكان، كان النقاش معمقا اكثر. وعمن يسمي الوزراء المسيحيين قالت المصادر : اذا كانت حكومة اختصاصيين وتمت تسميتهم ضمن الضوابط المقبولة بين الحريري والرئيس عون لازم تمشي. وقال الحريري “انا رئيس حكومة لبنان ولست للمسيحيين او المسلمين والفاتيكان متفهم هذا الموضوع. واشارت الى ان دبلوماسية الفاتيكان ستحاول خلق توافق مع الدول التي تساند تحييد لبنان. ورأى الفاتيكان بحسب المصادر ان امشكلة ليست عند المسيحيين فقط انما عند كل اللبنانيين وان القوى المعطلة تتحمل مسؤولية هجرة المسيحيين.
بيان الفاتيكان: الى ذلك، صدر عن المكتب الإعلامي في حاضرة الفاتيكان تحت عنوان البابا فرنسيس يلتقي رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، في ما يلي نصه:
التقى البابا فرنسيس رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري اليوم في لقاء خاص في الفاتيكان.
و أعلن مدير المكتب الإعلامي للكرسي الرسولي ماتيو بروني أن البابا التقى على انفراد بالرئيس المكلف سعد الحريري.
وردا على أسئلة الصحفيين ، قال بروني إن اللقاء استمر حوالي 30 دقيقة، “وقد رغب البابا في التأكيد مجددًا على قربه من شعب لبنان ، الذي يمر بلحظة من الصعوبة الشديدة وعدم الاستقرار ، وذكر بمسؤولية جميع القوى السياسية في التزامها بشكل ملح بما يعود بالنفع على الوطن”.
وأضاف أن البابا فرنسيس أكد من جديد رغبته في “زيارة البلاد بمجرد أن تكون الظروف مواتية”. وقال إن البابا يأمل في أن “يتمكن لبنان بمساعدة المجتمع الدولي ان يجسد مرة أخرى أرض الأرز، والتنوع الذي يتحول من ضعف إلى قوة في شعب عظيم متصالح “، داعيا الى ان يكون أرض اللقاء والتعايش والتعددية “.
في رحلة العودة من العراق في 8 آذار كان البابا فرنسيس قد اعلن للصحافيين أنه وعد بزيارة لبنان عندما تكون الظروف مؤاتية.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.