نقلا عن المركزية –
من رحم الترقيع السياسي المتمادي وقعت الواقعة الامنية. وقعت الواقعة وازهقت ستة ارواح وعشرات الجرحى. وقعت الواقعة واعادت الى اللبنانيين مشهدية صبيحة 7 ايار بكابوسها الامني الذي لا زال يقض مضاجع الذاكرة الاهلية حتى الساعة. وقعت الواقعة وانكشفت عورات الانقسام الوطني والطائفي البغيض. والانكى ان لا افق في المدى المنظور لمنع تكرار مأساة الطيونة بخطوط تماسها واشتباكاتها المرعبة ما دامت العلاجات الترقيعية هي نفسها ولا من يردع “بلطجة” فائض القوة المهيّمن على السلطة والقرار في البلد، لا يتوانى عن تدميره فوق رؤوس من فيه لتحقيق مراده.
لكنّ ما حصل اليوم على مأسويته، اثبت ان ثمة في لبنان من يرفض الرضوخ لسطوة السلاح وجاهز للمواجهة ان وقعت لا سمح الله…وعلى نية الا تقع، بعدما سقطت الحلقة الاولى من مسلسل 7 ايار المسيحي بعد السني، وان يسود منطق العقل والحوار لتجنيب لبنان اي عودة الى الحرب الاهلية، يرفع اللبنانيون صلواتهم.
فوضى مسلحة: بعد التجييش الحزبي الذي بلغ اوجه في الساعات الماضية حيث دعا قياديو الثنائي الشيعي بقوة عبر كل وسائل التواصل الاجتماعي مناصريهم الى الاستنفار التام تحضيرا للتحرك ضد المحقق العدلي في جريمة المرفأ القاضي طارق بيطار، اليوم، حصل ما كان متوقعا وعمّت الفوضى الشارع وخطوط التماس بعد ان انتشر عليها مسلحون وملثمون مؤيدون لحزب الله وحركة امل، فوقع قتلى وجرحى.. وسجل لساعات طويلة اطلاق نيران وقذائف وجّهها عناصر الثنائي في اتجاه المباني السكنية في عين الرمانة والطيونة والشياح وقد نشروا قناصين على السطوح، ما حاصر السكان العزل في بيوتهم والتلاميذ في مدارسهم، فيما عمل الجيش على التهدئة.
قيادة الجيش: واعلنت قيادة الجيش ان خلال توجه محتجين الى منطقة العدلية تعرضوا لرشقات نارية في منطقة الطيونة- بدارو وقد سارع الجيش الى تطويق المنطقة والانتشار في احيائها وعلى مداخلها وبدأ تسيير دوريات كما باشر البحث عن مطلقي النار لتوقيفهم. واضافت لاحقا: وحدات الجيش المنتشرة سوف تقوم باطلاق النار باتجاه اي مسلح يتواجد على الطرقات وباتجاه اي شخص يقدم على اطلاق النار من اي مكان آخر وتطلب من المدنيين اخلاء الشوارع.
الحزب والحركة: الى ذلك، صدر عن حركة “أمل” و”حزب الله” البيان الآتي: في تمام الساعة 10:45، وعلى أثر توجه المشاركين في التجمع السلمي أمام قصر العدل استنكارا لتسييس التحقيق في قضية المرفأ، وعند وصولهم إلى منطقة الطيونة تعرضوا لإطلاق نار مباشر من قبل قناصين متواجدين على أسطح البنايات المقابلة وتبعه إطلاق نار مكثف أدى إلى وقوع شهداء وإصابات خطيرة حيث أن إطلاق النار كان موجها على الرؤوس. إن هذا الاعتداء من قبل مجموعات مسلحة ومنظمة يهدف إلى جر البلد لفتنة مقصودة يتحمل مسؤوليتها المحرضون والجهات التي تتلطى خلف دماء ضحايا وشهداءالمرفأ من أجل تحقيق مكاسب سياسية مغرضة. إن حركة أمل وحزب الله يدعوان الجيش اللبناني لتحمل المسؤولية والتدخل السريع لإيقاف هؤلاء المجرمين كما يدعون جميع الأنصار والمحازبين إلى الهدوء وعدم الانجرار إلى الفتنة الخبيثة“.
رواية ميدانية: في المقابل، افاد شهود عيان كانوا في منطقة عين الرمانة قرب مدرسة الفرير بحسب ما ابلغوا “المركزية” ان عددا من الشبان الاتين من جهة الطيونة تمكنوا من الدخول الى عين الرمانة من شارع صغير يتفرع من بدارو قرب محطة المحروقات وبوصولهم الى هناك بدأوا بهتافات شيعة شيعة قبل ان يعمدوا الى التساجل مع شبان من المنطقة وتطور الامر الى اشتباك بالأيدي قام على اثره احد شبان عين الرمانة باستقدام سلاح كلاشينكوف واطلاق النار في وجه المعتدين الذين تداعوا الى المحلة مدججين بأسلحة كانت في سياراتهم وانتشروا في المنطقة التي توزع فيها شبان من المحلة لحمايتها، فاندلعت الاشتباكات وتوسعت رقعتها.
عون يتابع: ولتطويق الحدث، أجرى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اتصالات مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزيري الدفاع موريس سليم والداخلية بسام مولوي وقائد الجيش العماد جوزيف عون وتابع معهم تطورات الوضع الأمني في ضوء الاحداث التي وقعت في الطيونة وضواحيها وذلك لمعالجة الوضع تمهيداً لاجراء المقتضى وإعادة الهدوء الى المنطقة.
في اليرزة: وأكد ميقاتي “ان الجيش حامي الوطن ليس شعارا نردده في المناسبات الوطنية، بل هو فعل ايمان يترجمه الجيش كل يوم بتضحيات جنوده وشجاعتهم وحكمة قيادتهم، وهذا ما تجلّى اليوم في التصدي للاحداث المؤسفة التي وقعت في منطقة الطيونة.“ وقال “الجيش ماض في اجراءاته الميدانية لمعالجة الاوضاع واعادة بسط الامن وازالة كل المظاهر المخلة بالامن وتوقيف المتورطين في هذه الاحداث واحالتهم على القضاء المختص“. وكان ميقاتي انتقل بعد الظهر الى مقر وزارة الدفاع حيث استقبله وزير الدفاع الوطني وقائد الجيش، ثم انتقلوا الى غرفة عمليات قيادة الجيش لمتابعة مجريات الاوضاع من قائد الجيش واعضاء مجلس القيادة.
مولوي: وبينما باشرت مديرية المخابرات في الجيش اللبناني، بتكليف وإشراف مباشر من مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي، بإجراء تحقيقات ميدانية بشأن الاشتباكات التي تشهدها منطقة الطيونة، وتحديد هوية المسلحين الذين شاركوا بإطلاق النار وتسببوا بسقوط الضحايا والجرحى من المدنيين وتوقيفهم، اكد وزير الداخلية بعد اجتماع استثنائي لمجلس الامن المركزي، ان “السلم الأهلي ليس للتلاعب”، مشددا على “ضرورة اتخاذ كامل الإجراءات”. وطلب من الإعلام “مساعدتنا على بث الاخبار الصحيحة“. وأشار الى ان “هناك معلومات عن سقوط 6 قتلى و16 جريحا توزعوا على المستشفيات”. وقال: “الإشكال بدأ باطلاق النار، من خلال القنص، وأصيب اول شخص في رأسه وهذا الامر غير مقبول، واطلاق النار على الرؤوس يعد امرا خطيرا جدا“. وأكد ان “تفلت الوضع ليس من مصلحة أحد”، وأعلن ان “كل الأجهزة تقوم بدورها للانتقال إلى مرحلة التوقيفات كي يأخذ القانون مجراه“. وقال: “ان منظمي التظاهرة أكدوا لنا سلميتها، والجريمة التي حصلت كانت في استعمال القنص ، وتفاجأنا بأمر خطر هو اطلاق النار على الرؤوس“. وأعلن اننا “سنطلب من السياسيين اتخاذ الاجراءات اللازمة بالسياسة وخارجها لضبط الوضع، لان تفلته ليس من مصلحة احد“.
لضبط النفس: من جهتها، أعربت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا عن قلقها من أحداث العنف التي تشهدها بيروت اليوم. ورأت أن “في هذا المنعطف من المهم ممارسة أقصى درجات ضبط النفس وضمان عودة الهدوء وحماية المواطنين“. من جهته، علّق الاتحاد الأوروبي على الاشتباكات التي تحصل اليوم في بيروت داعياً إلى ضبط النفس. وأكد أننا نحتفظ بآلية عقوبات على لبنان ويمكن تفعيلها. وقال “ندعو لمواصلة التحقيق بانفجار مرفأ بيروت بشفافية وحياد”. واعلنت فرنسا “ان يجب أن يكون القضاء اللبناني قادرا على التحقيق في انفجار المرفأ بطريقة مستقلة ومحايدة ويجب على السلطات اللبنانية أن تدعم هذا التحقيق بالكامل. واضافت: قلقون من تعطل التحقيق بانفجار مرفأ بيروت والعنف الحاصل الآن”.
رد الطلب: وكانت الغرفة الاولى لدى محكمة التمييز المدنية قررت عدم قبول طلب الرد الثاني للقاضي طارق البيطار المقدم من وكيلي النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر. من جهتها، أشارت “الجديد” الى ان القاضية ليليان سعد خالفت قرار الأكثرية في الغرفة الاولى في محكمة التمييز القاضي برفض طلب الرد.
لمراعاة الاصول: من جهة ثانية، وفي اعقاب ما نقل عن لسان مستشار رئيس الجمهورية سليم جريصاتي عن انها “واصلة معنا لراس مناخيرنا من حزب الله“،سجل موقف لافت لرئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل الذي استقبله البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي في الصرح البطريركي في بكركي، وعرض معه التطورات، لا سيما ما يتعلق بشأن التحقيق في تفجير مرفأ بيروت وكان تأكيد على ضرورة إبعاد الامر عن التجاذبات والتدخلات السياسية والطائفية وعلى وجوب مراعاة الاصول والقوانين في هذا الشأن، اذ قال تعليقا على ما جرى اليوم من تحركات في بيروت، ان “حرية التعبير عن الرأي مقدسة ونحن نحترمها ولا يحق لأحد منعها خاصةً بإطلاق النار على متظاهرين، ولكن لا يمكن ايضاً أن يفرض أحد رأيه فرضاً على الآخرين“.
عون لنولاند: على صعيد آخر، ابلغ رئيس الجمهورية مساعدة وزير الخارجية الأميركية للشؤون السياسية السفيرة فيكتوريا نولاند خلال استقبالها في قصر بعبدا، ان “الحكومة الجديدة ستجري مفاوضات مع صندوق النقد الدولي من اجل مساعدة لبنان في عملية النهوض الاقتصادي، بالتزامن مع اجراء إصلاحات واطلاق إعادة اعمار مرفأ بيروت والاهتمام بتأمين الطاقة وتطوير الإدارة والقوانين الإصلاحية اللازمة“. واكد الرئيس عون ان “الانتخابات النيابية ستجري في موعدها بكل حرية وشفافية وديموقراطية”، لافتا الى “ضرورة مساعدة لبنان على مواجهة الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي يمر بها في هذه المرحلة والتي انعكست على الأوضاع المعيشية للمواطنين واثرت على سعر العملة الوطنية“. وشدد رئيس الجمهورية امام المسؤولة الأميركية على ان “تأمين الطاقة الكهربائية أولوية، بالتزامن مع تأهيل المرفأ الذي يشكل الشريان الأساسي للاقتصاد الوطني“. وعرض الرئيس عون للأسباب التي أدت الى “الوصول بالبلاد الى هذا الوضع الاقتصادي والمالي الصعب، لا سيما منها الحرب السورية والحصار الذي فرض على لبنان نتيجة اقفال الحدود ونزوح اكثر من مليون و500 الف نازح سوري الى لبنان، فضلا عن انتشار وباء كورونا ثم انفجار المرفأ”، معتبرا ان “كل هذه العوامل السلبية تضافرت واثرت سلبا على الأوضاع في لبنان وعلى ظروف عيش اللبنانيين“. وابلغ نولاند ان لبنان “راغب في معاودة المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل من اجل ترسيم الحدود الجنوبية البحرية لاستكمال عملية التنقيب عن النفط والغاز في مياهه الإقليمية، نظرا لأهمية ذلك في تحقيق النهوض الاقتصادي للبلاد“.وكرر الرئيس عون شكر لبنان على “المساعدات التي قدمتها الولايات المتحدة للجيش والمؤسسات الأمنية إضافة الى المساعدات الاجتماعية المتتالية“.
للاصلاحات: وكانت نولاند استهلت اللقاء بنقل تحيات الرئيس الأميركي جو بايدن ووزير الخارجية انطوني بلينكن الى الرئيس عون، والتهاني بتشكيل الحكومة الجديدة، مشددة على “وقوف الولايات المتحدة الأميركية الى جانب لبنان لمساعدته على مواجهة التحديات الراهنة الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية“. ولفتت الى ان واشنطن “تتمنى بعد تشكيل الحكومة ان يكون العمل على تحقيق الإصلاحات واجراء الانتخابات النيابية”، وأكدت ان بلادها “مستعدة للعمل مع المجتمع الدولي والصناديق المالية، لا سيما صندوق النقد الدولي لتقديم الدعم المطلوب للبنان إضافة الى مواصلة الدعم للجيش اللبناني“.
جولة : بعدها، التقى وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب نولاد على رأس وفد، ترافقها السفيرة الاميركية في لبنان دوروثي شيا وجرى التأكيد على دعم الادارة الاميركية لحكومة الرئيس ميقاتي، وجرى البحث في سبل توفير الدعم الأميركي للبنان في هذه المرحلة الصعبة. وأكدت نولاند على الاستمرار في دعم الجيش اللبنان.ي ثم استقبل الرئيس نجيب ميقاتي في السراي نولاند ترافقها السفيرة الاميركية... ولاحقا، توجهت الدبلوماسية الاميركية الى عين التينة حيث اجتمعت مع رئيس مجلس النواب نبيه بري قبل ان تغادر بيروت.
ومن مطار بيروت، أكدت نولاند ان “الولايات المتحدة ستقدم دعما إضافيا بقيمة 67 مليون دولار للجيش اللبناني”، لافتة الى “ان الشعب اللبناني يستحق الأفضل”. واعتبرت ان “ما تعرضه إيران من دعم للبنان في مجال الطاقة “فرقعة إعلامية” وأحد حلول أزمة الطاقة التي نعكف عليها مع السلطات اللبنانية يشمل البنك الدولي ودعما إنسانيا”.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.