الاجتماع الأول للجنة الوطنية التنسيقية المتخصصة بالمرأة في الاقتصاد
عقدت الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية بالتعاون مع وكالات وهيئات الأمم المتحدة في لبنان، الاجتماع الأول للّجنة الوطنية التنسيقية المتخصصة بالمرأة في الاقتصاد. وأتى هذا الاجتماع متابعة لمقررات اجتماع اللجنة التسييرية لتنفيذ خطة العمل الوطنية لتطبيق قرار مجلس الامن ١٣٢٥ حول المرأة والسلام والأمن التي التزمت الحكومة اللبنانية بتنفيذها.
شارك في الاجتماع الذي هدف الى إطلاق عمل اللجنة وتشكيل مجموعة العمل التي سوف تنبثق عنها وتحديد مواضيعها واعتماد آلية عملها، السيدة كلودين عون رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة، ووزيرة العمل السيدة لميا يمين، والسيدة مهريناز العوضي مديرة مجموعة العدالة بين الجنسين والسكان والتنمية المستدامة في الإسكوا، والسيدة ميرين معلوف أبي شاكر المنسقة الوطنية لتنفيذ خطة العمل الوطنية 1325 وأمينة سرّ الهيئة الوطنية لشؤون المرأة، والسيد جاد نجم رئيس لجنة الاقتصاد والعمل والتنمية المستدامة في الهيئة الوطنية لشؤون المرأة والمنسق الوطني لبرنامج تمكين النساء في المشرق، والسيدة نادية خليفة اختصاصية في مجال المرأة والسلام والأمن في هيئة الأمم المتحدة للمرأة، وعدد من أعضاء الهيئة.
وشارك أيضاً في هذا الاجتماع ممثلات وممثلون عن الوزارات والإدارات العامة المعنية ونقاط ارتكاز النوع الاجتماعي في الوزارات المعنية، كذلك ممثلات وممثلون عن منظمات المجتمع المدني وعن وكالات وهيئات الأمم المتحدة المعنية (هيئة الأمم المتحدة للمرأة، اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا- الاسكوا، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، مكتب صندوق الأمم المتحدة للسكان، اليونيفيل، المفوضية السامية لحقوق الإنسان).
افتتح اللقاء بكلمة للسيدة كلودين عون قالت فيها:” قد يكون من الصعب في هذه الظروف الاقتصادية الشديدة الوطأة التي يعيشها اللبنانيات واللبنانيون، أن نتحدّث عن خطط ولجان وأن نبحث فيما يتعلق بالمرأة والاقتصاد. وقد نُسأل عن الرابط بين قضايا المرأة والاقتصاد وقضايا السلام والأمن التي نتناولها في مسيرتنا لتنفيذ الخطة الوطنية التي اعتمدتها الحكومة اللبنانية لتطبيق قرار مجلس الأمن 1325 حول المرأة والسلام والأمن. فالهمّ الأول لكلّ مواطنة أو مواطن اليوم، هو البحث عن السبل التي تتيح لها أو له تدبير الأمور المعيشية. مع ذلك، إزاء هذا الوضع الصعب لا بدّ لنا من أن نلتقي للتفكير معاً، ولا بدّ لنا من أن نتعاون للبحث في السبل التي يمكن أن تأتي ببعض الحلول. لنا أن ننظر إلى التجارب التاريخية وأن نستفيد من الدروس التي أنتجتها. وكما يقال إن الحاجة أم الاختراع، ينبغي أن تدفعنا إرادة الخروج من الأزمة الاقتصادية، إلى إيجاد سبل جديدة للتعاطي الاقتصادي يكون فيها للمرأة دور أكبر من الدور الذي تقوم به اليوم.”
وتابعت:” لنا أن نتذكر مثلاً، أن الحرب العالمية الأولى التي جلبت الويلات على الدول التي شاركت فيها، شكّلت ظرفاً دفع بالنساء إلى سوق العمل للحلول مكان العاملين الرجال الذين ذهبوا إلى جهات القتال، وهذا التوجّه النسائي الجماعي إلى العمل خارج الإطار البيتي، أحدث ثورة ليس فقط في نمط التعاطي المجتمعي مع المرأة، بل أحدث أيضاً تغييراً في ذهنية النساء أنفسهنّ، إذ أنهنّ اكتسبن ثقة بالنفس وقدرة أكبر على مواجهة الصعوبات التي تخلّفها الحروب. صحيح أن الدافع الأول للإنسان للعمل، هو كسب العيش الكريم لكن إلى ذلك، يمنح العمل الإنسان خبرة في التعاطي مع الغير ويوحي له بشعور بالرضى عن الذات وبثقة بالقدرة على اتخاذه القرار الصحيح.
وعندما نتحدث عن شروط لتحقيق سلام مستدام نفكّر أولاً بضرورة اقتناع القدر الأكبر من السكان بلزوم احقاقه، وبقدرتهم على التعبير عن رأي يحترمه المجتمع. وغالباً ما يكون من الصعب أن يتمتّع برأي مستقل من ليس له القدرة على كفاية نفسه اقتصادياً. فالتبعية الاقتصادية تنتج عادة تبعية اجتماعية وسياسية. لذا تستحوذ تنمية القدرات الاقتصادية لدى الناس عامة ولدى النساء بشكلٍ خاص، هذا القدر من الجهود من الجهات العاملة في مجال التنمية الإنسانية. ولا تتوفّر تنمية مستدامة من غير توفّر عناصر التنمية الإنسانية أولاً.”
وأضافت:” لذا ورد ” تعزيز حقوق المرأة الاقتصادية واستقلالها الاقتصادي” من بين الأهداف التي أوردها المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة في منهاج العمل الذي أطلقه أثر انعقاده في بيجين في العام 1995، مع التذكير أن القرار 1325 يذكر إعلان ومنهاج بيجين كمرجع أساسي.
انطلاقاً من هذه الاعتبارات كان لا بدّ أن يضمّن لبنان، في إطار هدف مشاركة المرأة في صنع القرار الذي ورد في أهداف الخطة الوطنية، توخي التوصّل إلى تطوير مشاركة المرأة في القطاع الاقتصادي. وقد شملت التدخلات التي أوردتها الخطة للتوصّل إلى هذه النتيجة، إجراء المسوحات والدراسات الضرورية لترشيد السياسات المعتمدة من أجل رفع مستوى قدرات المرأة الاقتصادية والمالية واتخاذ التدابير الكفيلة بتأمين الحماية الاجتماعية للمرأة العاملة لاسيما في القطاع غير الرسمي، وزيادة الإقراض للنساء صاحبات المشاريع والأعمال، وإنشاء شبكات داعمة لمشاركة النساء في الاقتصاد. “
وأشارت إلى أن “الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية لا توفّر جهداً لتنزيه القوانين والممارسات الرائجة من التعامل على صعيد العمل والاقتصاد، من كلّ الأحكام التي تميّز ضدّ المرأة وتتجاهل حقوقها أو حقوق الانسان. لذا فقد أولت الهيئة اهتماماً كبيراً بمتابعة إقرار اللجان البرلمانية لمشروع قانون يجرّم التحرش الجنسي وتأهيل ضحاياه، لاسيما في أماكن العمل. كما تتعاون الهيئة مع وزارة العمل لتحديث أحكام قانون العمل، وتحسين شروط عمل العاملات المهاجرات، وأحييّ هنا وجود معالي الوزيرة لميا يمين الدويهي معنا اليوم التي لا توفّر جهداً لتطوير أوضاع العاملات والعاملين في لبنان.”
وقالت:” تتابع الهيئة تنفيذ الحكومة للبرنامَج الإقليمي للتمكين الاقتصادي للمرأة في المَشرِق، المدعوم من جانب البنك الدولي. كما تساند الجهود الحكومية لرسم استراتيجية للإنماء الريفي.
ذلك علماً أن الهيئة تسعى جاهدة إلى إحقاق المساواة الكاملة وتوفير تكافؤ الفرص بين النساء والرجال في قانون الضمان الاجتماعي وفي سائر المنظومة التشريعية في لبنان.”
وختمت:” أرى أنه لا بدّ من أن نتوصّل بجهودنا المشتركة إلى تخطّي الصعاب الحالية. أشكر لوكالات الأمم المتحدة الدعم الذي تقدّمه للبنان لتعزيز وضع المرأة في المجتمع ولدعم دورها في إحقاق وتثبيت الأمن وفي مجمل أوجه الحياة المجتمعية.”
بعدها ألقت السيدة ميهريناز العوضي كلمة قالت فيها:”تقديراتنا في الإسكوا تشير إلى أن الدول العربية سوف تسجل ما لا يقل عن 42 مليار دولار خسائر في عام 2020 وفقدان من ساعات العمل ما يوازي 15 مليون وظيفة في الربع الثالث فقط من هذا العام، كما أنه من المتوقع أن يقع 16 مليون شخص إضافي في براثن الفقر منهم على الأقل 9 مليون سيعانون من فقر مدقع.”
وتابعت:” بسبب أوضاع المرأة الهشة قبل الجائحة، طالت الأزمة النساء بشكل غير متساوٍ مقارنة بالرجال، فقد ازداد عبء عمل الرعاية غير مدفوعة الأجر التي تقوم بها المرأة بشكل أساسي وذلك نتيجة لبقاء الأطفال خارج مدارسهم، وزيادة حاجة كبار السن إلى الرعاية. كما تزايد العنف ضد المرأة بشكل ملحوظ مع الإغلاقات العامة وبقاء النساء في بيوتهن بجوار من يعنفهن. أما على الصعيد الاقتصادي فالخشية أن تتلاشى المكاسب المحدودة التي تحققت في العقود الماضية مع الخسارة المتوقعة لساعات العمل وتقلص الفرص الجديدة في سوق العمل.
أما لبنان، فخسائره فادحة لتزامن تداعيات جائحة كوفيد- مع توترات سياسية واقتصادية ومالية زادت من حدة آثار الجائحة. فتقديراتنا فى الإسكوا تشير أنه من المتوقع أن يصل معدل الفقر المادي إلى 55 في المائة في 2020 وأن يستمر في الارتفاع مما سوف يؤثر سلباً على مستوى معيشة الأفراد وقدرتهم على أن يعيشوا حياة كريمة.”
وختمت:” إن تشكيل لجنة تنسيقية تعنى بقضايا المرأة في الاقتصاد سيضمن استفادة المرأة من المحصلات الاقتصادية وسيسهم في تعزيز التمكين والمشاركة السياسية للمرأة والتي هي في صلب الخطة الوطنية لتطبيق قرار مجلس الأمن 1325. كما أن العمل على إبراز وتشجيع دور المرأة في الاقتصاد في إطار أجندة المرأة والسلام والأمن سوف يعزز المقاربات لبناء مجتمعات آمنة في المحلة الأولى ومن ثم للتصدي للأزمات والخروج من الأزمات إذا ما حلت.”
ثم ألقت الوزيرة لميا يميّن كلمة قالت فيها:” إنَّ عنوان لقائنا اليوم، “المرأة والاقتصاد”، هو في أعلى سلَّم الأولويات، خصوصاً في ظل الأزمةِ الحالية التي نعيشها، كما في ظلّ ارتفاع نسبة البطالة وتأثيرِها على المرأة تحديداً، لا سيَّما وأنَّ التقارير الدوليةَ تشير إلى أنّ النساء يشاركن بنسبة لا تتعدى الثلاثينَ في المئة (٣٠٪) من القوى العاملةِ في لبنان، ويجب العمل على زيادة هذهِ النسبة وتضييق فجوة المشاركة بينها وبين الرّجل.”
وأضافت:” حقوق المرأة تدخل في صلب الاستقرارِ الاجتماعي والاقتصادي، ويتوقَّف على فعاليّة حضورِها في عالَمي السياسة والاقتصاد مناعة وصمود المجتمع اللبناني بأسره. من هنا علينا جميعاً العملُ المنظَّمُ والمستدامُ لتَفادي القَوانينِ المجحِفَةِ بِحقِّ المرأةِ اللبنانية، ولإقرارِ قوانينَ تحميها وتؤمّنُ لها بيئةَ عَمَلٍ داعمةً لها ولحمايتِها من العنفِ والإساءةِ والاستغلالِ، والالتزامِ الجدّيّ بمساواتِها مَع الرّجل، حتى تتفاعل إيجابياً في كلّ ما يسهم في تحقيق الاستقرار والسّلام.
من المؤكَّدِ أنّهُ من أجل تحقيق هذه الأهدافْ، يجبُ علينا أن ندعمَ خطّةَ العمل لتنفيذ القرار الأُمَمي رقم 1325 وأنْ نعتبره ضمن الأولويات الوطنيةِ على المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. إن وزارة العمل مستعدة للانخراط في اللجنة التنسيقية المتخصّصَة بالمرأة والاقتصاد التي أسّستها الهيئة الوطنية، وللمشاركة الحثيثة والمستدامة إلى جانب كل الشركاءِ الحكوميينْ وغيرِ الحكوميينْ بدعم من الأمم المتحدة.”
وتابعت:” أنا منذ استلامي مهمّاتي لم أُوفّر جهداً لإنصاف المرأة، وذلكَ عبر إنجازِ مُسَوّدةِ تحديثِ قانونِ العملِ اللبناني التي أكَّدَتْ على إِلغاءِ التمييزِ ضدَّ المرأة وعلى مساواتِها بالرجل، إنْ من حيثُ الأُجور والترقية، أو من حيثُ اضافةِ مواد في القانونِ تتعلقُ بتنظيمِ العملِ الليليِّ والجزئي واجازةِ الأمومةِ وغيرِها، مما يحفظُ حقوقَ المرأةِ بالعمل. ناهيكُم عن إدراجِ العملِ المنزلي والزراعي في القانون كمهنةٍ لائقةٍ تستفيدُ من كاملِ الحقوقِ الوظيفيةِ أسوةً بالمهنِ الأخرى، وخصوصاً من كل تقديماتِ الصندوقِ الوطني للضمان الاجتماعي.”
وأكدت أنه :” في إطار تنظيمِ عملِ العمالِ الأجانبْ، كانت لنا مشاريعُ عديدةٌ في تحصينِ أوضاعِ العاملاتِ المنزلياتْ، وأهمُّها عقدُ العملِ الموحّدِ الذي يكرّسُ حقوقهنّ، إضافةً إلى وضعِنا خطاً ساخناً 1741 لتَلَقّي الشكاوَى بالتعاونِ مع الهيئةِ الوطنيةِ لشؤون المرأة، تديرُهُ مُساعداتٌ اجتماعياتْ، مع تسهيلِنا، بالتنسيقِ مع الأمن العام، العودةَ الطوعيةَ للعاملاتِ إلى بلادِهِنَّ.
وفي ظلِّ الأزمةِ الاقتصاديةِ وأزمةِ تفشّي وباءِ كورونا، أطلقنا دَوراتْ “كورسيرا” المجانيّةْ للتعلُّم عن بُعد، بالتعاونِ مع الإسكوا، وقَدْ أتاحتْ لآلافِ النساء فَرَصاً جديةً لتطويرِ مهاراتِ العملِ عن بُعد في مجالاتٍ متعددة، ولتفادي البطالةِ التي ترتفعُ نسبَتُها بشكلٍ مقلقٍ بين النساءِ خصوصاً.
إنّ كلَّ هذه المشاريعْ وَغَيْرَها أساسيةٌ لدعمِ المرأة في تحقيق استقلاليَّتِها وتمكينِها اقتصادياً.”
وختمت:” نكررُ في هذه المناسبةِ دَعْمَنا المطلق لإقرار قانون يجرّم التحرّش الجنسيّ في أماكن العمل والأماكن العامّة، وقدْ بات في عهدة المجلس النيابي، مؤكدين المشاركة كوزارة في كلّ حمْلات التوعية للمؤسسات حول هذه الظاهرة، ومشاركتَنا كذلك في كل حلقات التدريب والتوعية للحَؤولِ دون تفشّيها في مجتمعنا.”
بعدها قدّم السيد جاد نجم عرضاً مفصلاً حول برنامج تمكين المرأة في المشرق (MGF) المدعوم من البنك الدولي، وأبرز أهدافه والنشاطات الجاري تنفيذها حالياً على الصعيد الحكومي كما على صعيد القطاع الخاص، في مجال الإصلاح التشريعي وتطوير اقتصاد الرعاية والتكنولوجيا الزراعية كما على صعيد تطوير استراتيجية تواصل تهدف إلى زيادة نسبة مشاركة النساء في القوى العاملة في لبنان.
ثمّ قدمت السيدة ميرين معلوف أبي شاكر عرضاً مفصلاً حول الهيكلية الإدارية للجنة التنسيقية المتخصصة بالمرأة في الاقتصاد، تضمّن أهمية تنسيق الجهود والآليات التي ينبغي اعتمادها في كافة المراحل.
وأدارت السيدة أبي شاكر في ختام اللقاء، ورشة عمل هدفت إلى تنظيم مجموعات العمل الفرعية واعتماد المواضيع الرئيسية وتحديد العضوية وآلية العمل في كلّ مجموعة. وتمّ الاتفاق على إنشاء شبكة مؤلفة من مؤسسات وطنية ومنظمات غير حكومية دولية ومحلية، حول المشاركة الاقتصادية للمرأة بهدف رصد جميع النشاطات ونتبادل الخبرات وتنسيق الجهود خصوصاً في ظل الأوضاع الحالية. واختتم الاجتماع بإطلاق مجموعة عمل حول إجراء مسح وطني لتقييم الفرص والاحتياجات والثغرات من أجل التمكين الاقتصادي للمرأة.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.