
نقلا عن المركزية –
بعدما ساهمت سيطرة “حزب الله” على القرار اللبناني في تعميق العزلة الدبلوماسية والسياسية، يعمل رئيس الجمهورية جوزاف عون على إعادة وصل لبنان بالعالم. شقّ طريقه بسرعة نحو الخليج العربي، استهل زياراته من المملكة العربية السعودية وتابعها في الإمارات العربية المتحدة وقطر والكويت وستتبعها زيارات إلى دول عربية وخليجية أخرى، والسبب حاجة لبنان إلى المظلة العربية. وقد أتت النتائج إيجابية من خلال السماح بعودة الإماراتيين إلى لبنان.
وإذا كان العهد الجديد سجّل سلسلة نجاحات في ما خص تصحيح العلاقات مع الدول الخليجية، يبقى الأهم متابعة ما تحقق من تقدّم. وفي هذا السياق، تعمل الدولة اللبنانية ولو ببطء على تلبية بعض المطالب الخليجية وأبرزها، وقف تدفّق الكبتاغون وزعزعة أمنها انطلاقاً من الأراضي اللبنانية، وحصر السلاح بيد الدولة وإطلاق ورشة الإصلاح.
لا تختلف مطالب الدول الأوروبية عن العربية، فالمجموعة الأوروبية مهتمة بالشأن اللبناني إلى أقصى حدود، خصوصاً أن الفوضى في بيروت ستجعل شواطئ المتوسط بخطر. وتصرّ الدول الأوروبية على الإصلاحات ونزع سلاح “حزب الله” وكل الميليشيات المسلّحة، وإن كانت مطالبها بالشكل ألطف من المطالب الأميركية.
ثمة قرار واضح من العهد والدولة اللبنانية بمنع تحوّل لبنان إلى بؤرة تصدّر الفوضى إلى الخليج أو أوروبا، وهذا الأمر يتابع بشكل شبه يومي بين السياسيين الأوروبيين واللبنانيين وبين الأمنيين.
وتتخوّف بعض الدول الأوروبية من تركيز “حزب الله” نشاطاته وشبكاته في أوروبا بعد انهيار النظام السوري وفقدان أهم مراكز تصنيع الكبتاغون وتصديرها. يأتي هذا التخوّف حسبما ينقل عدد من السفراء، بعد تضييق الخناق على “الحزب” والحرس الثوري الإيراني، خصوصاً أن سوريا كانت تدرّ نحو 5 مليارات دولار من الكبتاغون والتجارة غير الشرعية.
وقد زادت العقوبات التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على إيران من صعوبة الوضع على محور “الممانعة”، وانطلق مسار البحث عن خطوط جديدة لتأمين الإمداد بالمال. وتشير المعلومات إلى وجود قرار أوروبي لا يختلف كثيراً عن القرار الأميركي وهو وضع حدّ لأذرع إيران في لبنان والمنطقة.
وتؤكّد المعلومات تحرّك الأجهزة الأوروبية لمتابعة الشبكات الناشطة في بلادها والتي ترتبط مباشرة بإيران أو “حزب الله” أو حركة “حماس” أو أي فصيل آخر مرتبط بأذرع طهران. ولا يغيب التنسيق الأمني بين الأوروبيين ولبنان عن هذا الملف وملفات أخرى، حيث هناك تخوّف من استعمال ملف النازحين السوريين أو تجنيد عناصر منهم للقيام بالمطلوب.
ويتركّز عمل الأمن الأوروبي على حماية “القارة العجوز” من أي اختراق إيراني، أو تفعيل العمل وإحياء شبكات تابعة لها، وسط الحديث عن اقتراب موعد الضربة الأميركية على طهران وتدمير المفاعل النووية، ومحاولة واشنطن إسقاط النظام في طهران، وهذا الأمر قد يدفع إيران إلى تحريك ما تبقّى من أذرعها لزعزعة وتخريب وضعية الشرق الأوسط وحتى أوروبا.
على الرغم من الضربات التي تلقاها، ما زال “حزب الله” يتحرك بسبب ارتباطه العميق والعضوي بمنظومة إيران، ويأتي التخوّف الأوروبي في سياق أخذ الحيطة والحذر، خصوصاً أن إيران قد تلجأ إلى كل الأساليب للدفاع عن نفسها وإثبات وجودها.
يعمل رئيس الجمهورية على توفير مظلة أمان لعزل الساحة اللبنانية، كي لا تشكّل قاعدة لتهديد أمن أوروبا وبقية المنطقة. والتعامل بإيجابية مع انتخاب عون وتأليف حكومة جديدة، يعتبر مؤشراً على طريقة التعاطي الأوروبي مع وضعية لبنان الجديدة هذا اللبنان الذي يصارع من أجل تجنيبه مزيداً من الخضات والحروب.
آلان سركيس – نداء الوطن
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.