نقلا عن المركزية –
يحاول كل طرف داخلي التحرّك من أجل إحداث خرق رئاسي، لكنّ الوضع يبقى مرهوناً بتطوّرات غزة وحروب المنطقة وتطوّراتها. ومهما جرت محاولات لـ»لبننة» الاستحقاق، إلا أنّ الأبعاد الخارجية تبقى طاغية على الرئاسة ومجريات الأحداث الداخلية.
بعد تسليم «حزب الله» ورئيس «التيار الوطني الحرّ» العماد ميشال عون عام 2007 بقبول طرح قوى 14 آذار القائم على التخلّي عن مرشّحيها الرئاسيين وانتخاب قائد الجيش آنذاك العماد ميشال سليمان، لم يحصل الانتخاب في اللحظة ذاتها، فالعماد عون سلّم بانخفاض حظوظه الرئاسية وتنازل عمّا كان يعتبره حقاً رئاسياً له. وعلى الرغم من هذا التنازل، أصرّ «الحزب» وعون وفريق 8 آذار على عدم النزول إلى جلسة الانتخاب دون الاتفاق على سلّة كاملة متكاملة ترسم مسار العهد، وتمنح فريقه الثلث المعطّل في الحكومة.
وقعت أحداث 7 أيار 2008 وذهب الجميع إلى «اتفاق الدوحة» وفرض «حزب الله» سلّته وشروطه نتيجة انكسار الميزان الداخلي. وبعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان، تبنّى «حزب الله» ترشيح عون، وخفّف شروطه لتسهيل وصوله، لكنّ «الحزب» الذي شارك في التسوية الرئاسية التي تنصّ على تولّي عون الرئاسة مقابل استمرار الرئيس سعد الحريري في رئاسة الحكومة طوال عهد عون، تراجع عن هذه التسوية بعدما أحدثت انتفاضة 17 تشرين 2019 تغييراً جذرياً في الحياة السياسية اللبنانية.
خرج الرئيس الحريري من اللعبة السياسية، ولا يزال «حزب الله» صاحب النفوذ الأقوى داخلياً ويستطيع تعطيل أي استحقاق، وهو يعلن تمسّكه بترشيح رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية رغماً عن إرادة الأغلبية المسيحية.
والجديد في موقف «حزب الله» هو إعلامه بكركي بعد اجتماع لجنة التواصل الخاصة بأنّ الرئيس يأتي بعد الحوار وبعد الاتفاق على خريطة طريق وجلّ المواضيع الخلافية. ويحاول «الحزب» في الوقت الضائع الاتفاق على أمور استراتيجية أكثر ممّا هي سلطوية، إذ يريد رئيساً «مطواعاً» يحمي خطّه الاستراتيجي ويؤمّن تغطية لسلاحه ولا يوافق على القرارات الدولية المنبثقة أصلاً من «اتفاق الطائف» والتي تحصر السلاح في يد الشرعية.
وتعتبر بكركي أنّ انتخاب رئيس يحتاج إلى عقد جلسات متتالية لانتخاب الرئيس في مجلس النواب، كما ينصّ الدستور، وإذا فاز المرشّح الذي ينال أعلى نسبة من الأصوات وفق الأطر الدستورية، فبكركي والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي سيكونان أول المباركين له، ولكن يجب أولاً تطبيق الدستور، ومن ثم يُجرى حوار لاحقاً برئاسة رئيس الجمهورية المنتخب إذا أراد الأطراف التحاور.
ويحتاج أي حوار لنجاحه إلى وجود الأطراف المتخاصمة، من هنا تسقط فكرة الحوار الشامل قبل انتخاب رئيس لأسباب عدّة، أبرزها أن الحوار خارج قبّة البرلمان والمؤسسات الشرعية الدستورية لا ترغب فيه المعارضة، أما الأمر الثاني فهو رفض «القوات اللبنانية» والمعارضة منطق الحوار قبل الانتخاب وتأييدهم المطلق إجراء العملية الانتخابية. وما يقف عقبة أمام هذا الطرح هو عدم قدرة أي شخصية على جمع كل الأطراف المتخاصمة.
وتُعتبر تجارب الحوار في لبنان فاشلة، ولم توصل إلى أي نتيجة في الوقت السابق نتيجة عدم تطبيق فريق معروف ما يتمّ الإتفاق عليه على الطاولة. وترفض بكركي والقوى المسيحية فرض شروط على رئيس الجمهورية قبل بدء عهده وتكبيله وتحويله إلى منفّذ سياسات الطبقة الحاكمة.
وترفض المعارضة بدورها أي حوار مع «حزب الله» وفق قاعدة «تعالوا إلى الحوار لتقبلوا بشروطنا وتُسلّموا بفرض مرشحنا»، في وقت لا تمانع البطريركية والقوى المسيحية الأساسية إجراء نقاشات ولقاءات جانبية خلال جلسات الانتخاب من أجل التوصّل إلى اسم مرشح توافقي أو الذهاب إلى معركة انتخابية وفق مقتضيات الدستور.
وعلى الرغم من كل ما يحصل داخلياً من حراك، لم يلمس أحد من الأطراف الفاعلة أي نية جدية بتحقيق خرق رئاسي، إلا إذا حصل توافق إقليمي ودولي كبير، أو اتفقت الدول الفاعلة على فصل مسار لبنان عن حرب غزة وحروب المنطقة.
الان سركيس – نداء الوطن
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.