نقلا عن المركزية –
حالة الخواء السياسي التي تطبق على المشهد الحكومي حالياً، ستستمر، أقله حتى مطلع الاسبوع المقبل، في انتظار عودة الرئيس المكلّف سعد الحريري من زيارته الى دولة الامارات العربية المتحدة المتوقعه الاثنين المقبل.
وبحسب الاجواء المحيطة بملف التأليف، هناك توقعات في أن يشهد الاسبوع المقبل تزخيماً لحركة الوساطات بين بعبدا وبيت الوسط في محاولة لردم الهوة التي توسّعت بينهما، واعادة وضع الملف الحكومي على سكة التأليف. وتحدثت معلومات عن انّ محاولات للتقريب بين رئيس الجمهورية العماد عون والرئيس المكلف سعد الحريري ستنطلق بعد عودة الحريري الى بيروت، ويؤدي الثنائي الشيعي دوراً اساسياً فيها بالشراكة مع شخصيات سياسية ونيابية مستقلة.
وتشير معلومات “الأنباء” الى أن كوبيتش التقى حزب الله قبل ايام، وبحث معه في ملف تشكيل الحكومة. وبحسب المعلومات فإن الحزب أكد تمسكه بخيار سعد الحريري من دون ان يكون هناك إنكسار لرئيس الجمهورية ميشال عون، وكان الحزب واضحاً في رفض تكرار تجربة حسان دياب. كذلك تم البحث خلال اللقاء، في مسألة ترسيم الحدود، وكان موقف حزب الله واضحا لجهة الالتزام بما تقرره الدولة اللبنانية، لكن الحزب أوضح للمسؤول الاممي ان المرسوم الذي يحكى أن رئيس الجمهورية ميشال عون يعتزم إقراره من جانب واحد بشأن ترسيم الحدود “لن يقرّ”.
الّا أن مصادر معنية بهذا الملف، تتحدث عن صعوبة بالغة في اعادة الامور بين الحريري وعون الى ما كانت عليه قبل الفيديو المسرّب عن كلام رئيس الجمهورية بحق الرئيس المكلف. لكنها اشارت الى انّ كلا الرئيسين محشوران لانسداد الافق امام كل منهما، فلا الرئيس عون قادر على أن يلغي تكليف الرئيس الحريري، حتى ولو كان يرغب في ذلك، ولا الرئيس الحريري الذي حسم موقفه بأنّه لن يعتذر، قادر على أن يفرض مسودة حكومية كما يريدها على رئيس الجمهورية. ولقد دَلّ مسار المشاورات بينهما وكذلك المناوشات التي تخللتها، على أن ليس في مقدور أيّ من الرئيسين أن يملي إرادته على الآخر، أو أن يفرض منطقه على الآخر، أو يؤلف حكومة وحده بمعزل عن الآخر. وبالتالي، فإن انعدام الخيارات امام كل منهما، سيفرض عليهما التراجع ولو مكرَهين، والعودة الى طاولة التأليف من جديد والوصول معاً الى قواسم مشتركة، إن عاجلا او آجلا.
جوقة بَث السموم: وفي موازاة الاجواء المشدودة الى التوتر والسلبية في القصر الجمهوري وبيت الوسط، مع استمرار المناوشات بين «التيار الوطني الحر» وتيار «المستقبل»، كشفت مصادر موثوقة
لـ«الجمهورية» عن مشاورات جرت في الساعات الماضية على خطوط سياسيّة متعدّدة؛ نيابيّة وحزبيّة وحركيّة، ربطاً بتفاقم الخلاف بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف، ووضعت بعبدا وبيت الوسط في اجوائها، حيث انتهت الى قراءة سوداوية للمشهد الداخلي تستبطن مخاوف كبيرة من مراوحة ملف التأليف في سلبية التأخير والتعطيل التي تفاقمها مشاعر شخصية من هنا وهناك، في موازاة وضع اقتصادي ومالي واجتماعي وصحي صار منهاراً بالكامل، وتأخير تأليف الحكومة يساهم في هذا الانهيار أكثر.
واذا كانت هذه المصادر لا تجد للرئيسين عون والحريري ما يبرّر وصولهما نقطة اللاعودة بخطابٍ تجاوَز السياسي الى الشخصي، الا انها في المقابل تدين ما تسمّيها «تلك الجوقة» التي تبث السموم في العلاقة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، وتصب الزيت على نار التباينات بينهما، أكانت شكلية أو جوهرية.
وبحسب معلومات المصادر نفسها، فإن الاتجاه الغالب لدى القوى السياسية المعنية بالملف الحكومي يميل نحو تعجيل تأليف الحكومة، ورفض ادخال البلد في أي ازمة جديدة تدخله في فراغ وازمة حكومية طويلة الامد، او محاولة دفع الرئيس المكلف الى الاعتذار، أو سعي رئيس لفرض ارادته على رئيس، او اي محاولة لفرض اعراف جديدة في تأليف الحكومة. فكل تلك المحاولات لا طائل منها، ولعل اوجب موجبات التعجيل بالحكومة في موازاة ذلك، هو وضع حدّ لتلك الجوقة واخراجها من حلبة التأليف، وعودة الرئيسين عون والحريري الى التقيّد باحكام الدستور وما ينص عليه في هذا المجال.
وعما اذا كانت المصادر متفائلة بسلوك الرئيسين عون والحريري مجددا طريق العودة الى التأليف، قالت: حتى الآن الطريق بين القصر الجمهوري وبيت الوسط غير سالكة وغير آمنة، ومَكمَن العطل الاساس انّ هناك رغبة لدى البعض في استمرارها مقطوعة ودفع الامور الى أزمة كبرى يدفع ثمنها البلد. وفي أي حال ليس مقبولاً ان تبقى السياسة والملف الحكومي على حاله اليوم كمسرحية سخيفة لا نهاية لها، كما ليس مقبولاً أن يبقى المسؤول في غربة عمّا يجري في البلد وما آل اليه حاله وكأنّه يعيش في كوكب آخر.
مصادر متابعة لعملية تشكيل الحكومة نفت ل”اللواء” ما تردد عن وساطات او مساعي تبذل لتجاوز اثار التصعيد الرئاسي المسيء للرئيس المكلف سعد الحريري ولاسيما من قبل البطريرك الماروني بشارة الراعي بهذا الخصوص وقالت ان هناك تحسسا ملحوظا تجاه ما حصل وليس سهلا معاودة التحرك لتقريب وجهات النظر مثلما كان عليه الامر قبل نشر الفيديو المسرب لوسائل الاعلام، الا انها لم تستبعد معاودة هذا التحرك في وقت لاحق ريثما تكون الأجواء مهيئة لانجاحه ولكن لا تبدو كذلك حتى الآن. الا انه لا يوجد بديل للتواصل والحوار للخروج من مأزق تشكيل الحكومة الجديدة.
واذ اعترفت المصادر بأن ما حدث ترك تفاعلات سلبية حادة على العلاقة بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعدالحريري برغم محاولات استدراك نتائجه وحصر تداعياته في حدود ضيقة ومحصوره جدا.
وكشفت المصادر النقاب عن سيناريوهات تناقش لايجاد تخريجة منمقة لحادثة الفيديو ومحاولة الصاق خطوة تسريبه بكبش محرقة، اكان اعلاميا او فنيا، الا ان مثل هذه المحاولات المكشوفة لن تبدل شيئا في مضمون كلام رئيس الجمهورية المسيء والجارح للرئيس المكلف،باعتبار ان عملية التسريب كانت متعمدة ومحددة الاهداف لإحراج وإخراج الرئيس المكلف من عملية التشكيل نهائيا وابلغ دليل على ذلك هو التهليل المقزز لهذا الكلام من المقربين وعدم صدور اي بيان او مواقف تنفيه او تتجاوزه وتقلل من انعكاساته السلبية. وتضيف المصادر ان ما زاد الطين بلة ما تضمنه بيان كتلة التيار العوني من عبارات «تدعو فيها الرئيس المكلف ليواصل عمله في تشكيل الحكومة» اقل ما يقال فيها انها تعبر عن رعونة موصوفة تمثل الممارسة الاستفزازية والمشينة لرئيس التكتل وتزيد من تفاعلات كلام عون بحق الحريري ولا تعبر عن توجه سليم لتجاوز ما حصل.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.