عقدة شخصنة الإدارات العامة…إلى أين؟
منى العريضي – لبنان
بات مما لا شك فيه أن مجتمعنا العربي يُعاني من عقدة التملّك وعشقه للسيطرة وإرضاء غروره في بسط نفوذه متمكناً في موقعه بدعم من السلطة العليا ومنحه الضوء الأخضر ضمن سلسلة الفساد المُتفشي في رئة المواطن ويعاني من فيروساته منذ سنوات في كل القطاعات ولا أمل حتى الساعة بإيجاد اللقاح المُضاد في ظل الهيمنة السياسية وتباعاتها .
ولكن دعونا نغوص أكثر في مشهد يكاد أن يتكرر كل دقيقة في مختلف القطاعات على مختلف التوزيعات الجغرافية للإدارات العامة ضمن سلسلة الهيمنة، ألا وهي “شخصنة المؤسسات والإدارات العامة” حتى تكاد تظن أن فلان هو من سلالة بن آل الدستور بن الدولة بن لبنان بن آل الآمر والناهي، هو الذي يقرر مصيرك حسب المعايير التي تناسب توجهاته أفكاره معتقداته إنتماءاته وغالباً مزاجه..
إذاً نحن أبناء لبنان من عشيرة بن آل دولة لا يحق لنا محاسبة رئيس القبيلة الذي بدوره مدعوم من آلهة السُلطة الموّقرة ولا يحق لنا حتى الإعتراض على سلوكياته تجاهنا في حال لم نأتِ على مقاس الحكم المُسبق علينا حسب الخلفية كما سبق وذكرت.
هذا ليس فقط على صعيد المسؤول من الدرجة الأولى بل تتدرج من قمة الهرم الوظيفي حتى القاعدة ، بمعنى متى أراد الحاجب على سبيل المثال التحكم بك بإستطاعته حتى منعك دخول المؤسسة بحجة ما .
تطرق بابه وتُلقي التحية فإذا به لا يرفع نظره ليراك ولا يرد التحية حتى وغالباً لا يكلف خاطره ويستدير بكرسه المبروم حتى يُخيل إليك إنك تحولت فجأة إلى كائن غير مرئي وإذا أكرمك بالرد فيفتح فمه ليقول الجملة المقتصرة
” شو بدك”!
وهنا تشع إبتهاجاً لحصولك على إهتمامه وما أن تنطق بطلبك حتى يرشقك الجملة الشهيرة “روح ورجاع بعد شوي ” أو أسبوع القادم أو إذا كُنت محظوظاً فيكون أقرب موعد،
وهناك من يتفوق على غيره بلعبة الهيمنة فيصرح علناً ” أنا الإدارة وأنا أُقرر وأنا وأنا…..ومتى وضعك نصب عينيه إعتبر إنك ستعود لتتسكع للحاجب مراراً وتكرراً.
لا يمكن أن نغفل على أن هذا التوصيف لا ينطبق على الجميع فهناك ضمير حي عند الكثير ولكن التصويب حول المواطن الذي يكفيه ما يعانيه من غطرسة وشتات مصيره في وطن النجوم حتى عليه أن يتحمل يحمل أعباء مواجهة بعض الموظفين أو رؤوساء المؤسسات الإدارات العامة بعرقلة أموره وإنجاز أوراقه ومتطلباته من الإدارات العامة التي وُجدت لهذه الغاية وأوجدت موظفيها الذين يتقاضون أجور وإمتيازات لخدمة هذه الغاية فكيف يحق لأحد لا يختلف عن غيره سوى أنه مواطن برتبة مدعوم أوجدته الوساطة والمحسوبيات مكان مواطن كفوء لم يحصل على شرف رتبة ” مواطن من قِبل فلان” ، تلك الكلمة السحرية التي كرست الفساد في ظل توظيف أيادي وأعين وهيمنة السياسيين بشخص أدواتهم على هيئة موظف.
لم ولن أفهم يوماً سرّ هذه العقدة “شخصنة المؤسسات” ومن الذي إبتكر بدعة تملّك المؤسسات على مختلف المناصب لفرض سيطرته وكأنه يحمل وثيقة أو صك ملكية المؤسسة بإسمه ليُشرع مجدداً مقولة مزرعة لا دولة مع كل واقعة جديدة.
قد لا أجد جواباً أو حلّ لهذه الإشكالية في الوقت الحالي ولكن أعلم جيداً أنه سيأتي يوماً ويطرقون أبواب لن تُفتح لهم ولن تستدير لهم المقاعد ولن يُنظر إلى وجوههم وسوف ينتظرون في القاعات مطولاً حتى يرشف الموظف الذي حلّ مكانه قهوته قبل أن يحصلون على شرف السؤال الشهير ” شو بدك”؟
إن المعلومات و الأراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، بأي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او رأي أو وجهة نظر ناشر هذا الموقع أو إدارة تحريره. و عليه لا يمكن لها، باي حال من الأحوال، ان تلزمهم باية تبعة من أي نوع كان تجاهكم او تجاه اي جهة اخرى.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.