نقلا عن المركزية –
كتبت صحيفة “النهار”: لم تعكس الأجواء المتصلة بملف تاليف الحكومة الجديدة في الساعات التي أعقبت زيارة الرئيس المكلف تشكيل الحكومة نواف سلام لقصر بعبدا مساء الخميس أي معطيات مشجعة حيال حلحلة “غابة الشروط والتعقيدات” التي باتت تحاصر مهمة سلام. كما أن التطورات الميدانية الجارية في الجنوب أثارت مزيداً من القلق المتصاعد حيال التدهور المتدحرج والذي كان من أسوأ مؤشراته ووقائعه إعادة إسرائيل بسلاح الجو إلى الميدان من خلال شنّ غارات تعاقبت في الساعات الأربع والعشرين الماضية بشكل لافت، كما برزت عودة “حزب الله” للمرة الأولى بعد وقف النار إلى تحريك مسيّرة في اتجاه إسرائيل. بذلك ارتسمت لوحة مثيرة للحذر المبرر إن في الداخل أو في جنوب الليطاني بحيث تثار تساؤلات عما إذا كانت فرملة اندفاعات تأليف الحكومة منفصلة أو مرتبطة بالاجواء الطارئة بعد التمديد لمهلة الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب. ولكن الملف الحكومي ظل في صدارة الأولويات خصوصاً بعدما رشحت معلومات موثوقة عن عقبات طرأت في مسار مفاوضات الرئيس المكلف مع “الثنائي الشيعي” وبدّدت تفاهمات سابقة مبدئية على حقائب وأسماء محسوبة على الثنائي، فيما لم تبت بعد مسارات المفاوضات الجارية بين سلام والقوى الأخرى المسيحية والسنية بنوع خاص. ولذا تساءلت أوساط معنية عما إذا كانت عودة الموفد السعودي المكلف بالملف اللبناني يزيد بن فرحان إلى بيروت تهدف إلى بذل الجهود لدعم الرئيس المكلف في مهمة تعطيل ونزع الألغام من طريقه، بما قد يسرّع الولادة الحكومية في الأيام القليلة المقبلة. كما أن بيروت على موعد مع زائر بارز آخر اليوم هو وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي. وهي حركة ديبلوماسية لافتة لا تنفصل أيضاً عن تواتر مؤشرات عدة في الساعات الأخيرة حيال بداية اطلاق مواقف للإدارة الأميركية الجديدة برئاسة دونالد ترامب من الواقع السياسي الناشئ في لبنان بعد انتخاب الرئيس العماد جوزف عون ومضي الرئيس المكلف نواف سلام إلى إنجاز تاليف حكومته. ويبدو واضحاً أن ما بلغ المراجع الرسمية في الأيام الأخيرة من واشنطن وسواها من دول معنية يصب في خانة موقف سلبي من تلبية مطالب الثنائي الشيعي في الحكومة العتيدة وضمناً إعطاء حقيبة المال لمن يرشحه رئيس مجلس النواب نبيه بري الوزير السابق ياسين جابر ولو كان أساساً من الاسماء التي لا تستفز واشنطن. بل أن المعطيات نفسها تلفت إلى أن الاسماء التي جرت تزكيتها مبدئياً في اطار تفاهم بين الرئيس المكلف والثنائي، والتي أوردتها “النهار” أمس (علي رباح للصحة وصلاح عسيران للصناعة وطلال عتريسي للعمل وعلاء حمية للبيئة) إلى جانب جابر لم تعد ثابتة بدورها. وتشير الأوساط المعنية إلى استبعاد حصول اختراق إيجابي وشيك في عملية التاليف قبل اتضاح طبيعة عملية الاحتواء لدوامة الشروط التي باشرها سلام في اليومين الأخيرين بدعم قوي من الرئيس عون.
وأجرى سلام أمس اتصالا بمفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان مطمئناً إلى صحته وكانت مناسبة لعرض الاوضاع أكد خلالها سلام للمفتي “ثباته على المعايير التي وضعها لتشكيل الحكومة”.
وفي تصريح اعتُبر بأنه الأول الذي يعكس موقف الإدارة الأميركية من مجريات تشكيل الحكومة في لبنان، قال مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مسعد بولس: “نراقب التطورات السياسية في لبنان عن كثب، ونتطلع إلى التغييرات الشاملة”. وأضاف: “كما حدث في رئاسة الجمهورية والحكومة، نأمل بأن ينعكس ذلك على التشكيلة الحكومية بحيث تعكس الإصلاح المطلوب، وأن لا يُعاد تعيين من كان له دور في المنظومة السابقة، وذلك من أجل استكمال مسيرة النهوض واستعادة ثقة المجتمع الدولي”.
أما في التحركات الديبلوماسية حيال لبنان، فيصل اليوم إلى بيروت وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي حاملاً رسالة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى رئيس الجمهورية جوزف عون. وأعلنت السفارة المصرية في بيروت أن الزيارة، وهي الثالثة لوزير الخارجية المصري في الأشهر القليلة الماضية، “تهدف إلى تأكيد الدعم المصري للبنان بعد انتخاب عون وتكليف الرئيس نواف سلام بتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، إذ تحرص مصر على إعادة تنشيط التعاون بين البلدين الشقيقين في كل المجالات الاقتصادية والتنموية، فضلاً عن تعزيز التنسيق السياسي بين البلدين”.
وأشار السفير المصري علاء موسى إلى أن وزير الخارجية سيجري العديد من اللقاءات بعد لقائه بعون تشمل رئيس مجلس النواب نبيه بري، رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي والرئيس المكلف نواف سلام. وسيعقد الوزير المصري جولة مباحثات ثنائية مع نظيره اللبناني عبدالله بوحبيب، فضلاً عن بعض اللقاءات مع القيادات الروحية والسياسية اللبنانية. وأكّد أن “الزيارة هي بداية لمرحلة جديدة تهدف من خلالها مصر إلى تعزيز التعاون مع لبنان في مختلف المجالات والارتقاء بالتعاون الاقتصادي والثقافي إلى مستوى استراتيجي يتناسب مع العلاقات التاريخية بين الشعبين الشقيقين”.
وفي المواقف الداخلية البارزة من التطورات أعلنت “مجموعة العشرين” برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة أنها “ثمّنت عالياً انتخاب العماد جوزف عون رئيساً للجمهورية وأبدت تقديرها لما ورد في خطاب القسم المميز والمفعم بالوطنية والإيمان بلبنان وعروبته، هويةً وانتماء، وبالشعب اللبناني، والعامر بالإرادة والعزيمة الحازمة”، وأملت أن “يشكل ذلك خطوة متقدمة على طريق انطلاق لبنان نحو الخروج من أزماته المتكاثرة على أكثر من صعيد ومجال”. كما عبرت عن “ترحيبها بـالتطور الانفراجي الثاني الذي تمثل بتسمية القاضي الدولي الدكتور نواف سلام رئيساً مكلفاً لتشكيل الحكومة المقبلة”. وقالت إنها “تدعم المعايير والمنهجية والأسس التي أعلن عنها الرئيس المكلف وأكد فيها تمسكه باحترام الدستور وحسن واستكمال تطبيق اتفاق الطائف، خصوصا الالتزام بمبدأ عدم جواز احتكار أي جهة لأي حقيبة وزارية، وفي الوقت عينه عدم جواز حظر مسؤولية أي حقيبة وزراية على أي جهة لبنانية”، وأكدت أن “جميع الحقائب الوزارية هي سيادية تحظى بالمكانة والوزن ذاته وهي في الأصل لخدمة مصالح المواطنين وتحقيق تطلعاتهم في العيش الوطني الكريم”.
مسيرات وغارات
وسط الأجواء السياسية الملبدة سُجل جنوباً تطور أمني لافت إذ للمرة الأولى منذ ابرام اتفاق وقف النار، أعلن الجيش الإسرائيلي ظهراً اعتراض مسيّرة لجمع المعلومات أطلقها “حزب الله” من جنوب لبنان. وقال الناطق باسمه أفيخاي أدرعي: “اعترض سلاح الجو مسيّرة جمع معلومات لحزب الله تم اطلاقها نحو الاراضي الإسرائيلية حيث لم يتم تفعيل إنذارات وفق السياسة المتبعة. الجيش الإسرائيلي لن يسمح بحدوث أنشطة إرهابية لحزب الله من لبنان وسيتحرك لإزالة كل تهديد على دولة إسرائيل ومواطنيها”. وفي وقت لاحق مساءً قصفت مسيّرة إسرائيليّة محيط حسينية بلدة الطيبة في جنوب لبنان ثم شنت مسيّرة غارة ثانية على المكان نفسه. في المقابل، نفّذ الجيش الإسرائيلي عملية تفجير في بلدة طلوسة قضاء مرجعيون. وسُجل إنفجار صاروخ اعتراضي فوق برج الملوك في مرجعيون. وأصيب مواطنان بجروح طفيفة جراء قيام محلقة إسرائيلية بإلقاء قنبلة بالقرب من دراجتهما النارية عند أطراف بلدة طلوسة لجهة مركبا. وقام الجيش الإسرائيلي بعمليات تجريف في بلدتي الضهيرة والبستان الحدوديتين في قضاء صور، وشوهدت رافعة كبيرة للجيش الإسرائيلي قبالة بركة ريشا، والبستان، ويارين ومروحين تقوم بتركيب جدران إسمنتية عند الجدار الحدودي، وسط تحركات مكثفة لجنود اسرائيليين، فيما قامت جرافة بأعمال جرف في محيط الجدار الإسمنتي لقرية البستان، واقامت سواتر ترابية معززة بالجنود تشرف على البلدة وبلدات يارين والزلوطية وأم التوت والضهيرة. وأطلق الجيش الإسرائيلي بين الحين والآخر رشقات نارية باتجاه بلدة الضهيرة القديمةً القريبة من موقع الجرداح الإسرائيلي المطل على البلدة. كما قام بعمليات تجريف للمنازل وتمشيط بالأسلحة الرشاشة في مركبا. ويستمر الجيش الإسرائيلي بعدوانه على ممتلكات وأرزاق المواطنين، حيث قام منذ ساعات الصباح الباكر، بإضرام النار بمزرعة للدواجن عند نزلة تل نحاس – ديرميماس. كما تعرضت أطراف بلدة شبعا لقصف مدفعي إسرائيلي.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.