نقلا عن المركزية –
بعد ساعات معدودة على إنهاء وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان حديثه لشبكة “سي إن إن” حيث صرح إن رد إيران سيكون فوريا وعلى أقصى مستوى إذا قامت إسرائيل بعمل عسكري، جاء الرد الإسرائيلي في ذكرى ميلاد آية الله خامنئي على الرد الإيراني قبل أسبوع والذي رفع من احتمال وقوع حرب إقليمية.
العملية الإسرائيلية التي بالكاد تردد صداها في اللحظات الأولى داخل إيران استهدفت مدينة أصفهان وذلك بعد أقل من أسبوع على استهداف الأخيرة لمواقع في إسرائيل مما يفتح الباب أمام جملة تساؤلات.
فالعملية الإسرائيلية السرية والصامتة جاءت بمثابة استعراض قدرات ونقل رسائل من تل أبيب إلى طهران مفادها “نحن قادرون على إلحاق أضرار جسيمة بكم وفي عقر داركم “، واستعادة الردع من أجل عدم تحفيز إيران على الرد بقوة على الهجوم. وفي حين يجمع خبراء عسكريون على أن إيران بهجومها العلني على إسرائيل الأسبوع الماضي تخطت الخطوط الحمراء وحطمت كافة الأدوات، إلا ان الرد المنسوب لإسرائيل يعيد القتال إلى ما وراء الكواليس للحد من تبادل الضربات لتجنب حرب إقليمية.
الخبير العسكري العميد المتقاعد جورج نادر يشير إلى أن الرد الإسرائيلي على الضربة الإيرانية كان موازياً لنتيجة الضربة الإيرانية التي جاءت صفر في المفهوم العسكري وليس إلى حجمها الكبير. ولو ارادت إسرائيل أن يكون الرد بحجم الرد الإيراني أي بواسطة طيران حربي فهذا الأمر يحتاج إلى متطلبات لوجستية كمثل التزود بالوقود جوا وهذا صعب إلا إذا جاء الدعم من قبل الحلفاء أو عبر الطيران الحليف البريطاني أو الأميركي المتواجد في البحر الأحمر. أما الوسيلة الأكثر فعالية فهي عبر المسيرات . إلا أن النتيجة يضيف نادر جاءت معدومة لكن بحجم نتيجة الضربة الإيرانية قبل أسبوع على إسرائيل وهذا متفق عليه داخل إسرائيل”.
في المفهوم العسكري البحت تبدو العملية الإسرائيلية المحدودة ضد أهداف في إيران متعمدة وتهدف إلى ترك مساحة إنكار للإيرانيين وعدم إتباعها برد فعل قوي وواسع ضد إسرائيل، إلى جانب إرضاء الولايات المتحدة، والاستمرار في التركيز على قطاع غزة، باعتباره المسرح الرئيسي للحرب. أما بالنسبة إلى رفح فيبدو أن العملية مؤجلة في المرحلة الراهنة نظرا إلى الضغوط الأميركية على إسرائيل لجهة تجنيب المدنيين تداعياتها إنطلاقا من التداعيات التي خلفتها الحرب في غزة على السكان المدنيين وتأليب الرأي العام الدولي ضد حكومة نتانياهو وممارساته ضد المدنيين.
بالتوازي يؤكد نادر لـ”المركزية” أن “هناك قواعد للحرب تتحكم بالطرفين ففي ظل الضغوطات الأميركية، كان من الواضح أن إسرائيل ستسعى إلى إيصال رسالة، وليس القيام بعمل واسع من شأنه أن يجر إيران إلى مواجهة مباشرة ومستمرة ضد إسرائيل. بدليل ما صرحت به إيران في قولها بأنها “لن تتعرض للمصالح الإميركية وسنضرب إسرائيل”. ويرجح أن يستمر تبادل الرسائل على هذا النمط العسكري إنما بواسطة وكلاء إيران في المنطقة . لكن ما يمكن قوله حتى الآن أن الحرب لا تزال مضبوطة حتى بين الوكلاء وستبقى مضبوطة”!.
وعلى وقع الرد والرد المقابل جاءت زيارة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جوزف عون إلى فرنسا لترفع من منسوب القلق حول احتمال توسع الحرب في الجنوب. الرسالة الفرنسية تتمحور حول التهدئة وضرورة انسحاب حزب الله الى ما وراء الخط الازرق وانتشار الجيش اللبناني الذي يحتاج الى مساعدات ومعدات لتحقيق ذلك وهذا ما حصل عليه من الاتحاد الاوروبي الذي قدم للبنان مساعدات بقيمة مليار يورو ومنها مساعدات للجيش اللبناني.
لكن الملف الأبرز بحسب نادر هو النزوح السوري نظرا إلى الدور المحوري الذي تلعبه فرنسا في الإتحاد الأوروبي”ويكفي أن يوقف الإتحاد المساعدات المالية والعينية التي يقدمها للنازحين في لبنان حتى تتبدل كل المشهدية”.
يضيف نادر”أما مسالة تسليح الجيش بالعتاد والذخائر فهي منوطة بالأميركيين لكن ما يجمع عليه الشركاء الأوروبيون والولايات المتحدة والعرب هو ضرورة انسحاب حزب الله إلى ما وراء الخط الأزرق وتطبيق القرار 1701 لأن الضغط على حكومة إسرائيل من قبل المستوطنين في شمال إسرائيل بدأ يشكل إحراجا كبيرا لها، وهي تدرك استحالة عودتهم قبل انسحاب حزب الله وبالتالي فهي لن تترك الحزب يقصف من دون رد”.
الحل قد لا يكون عسكريا بحسب نادر”وقد يأتي عن طريق الديبلوماسية بتطبيق ال1701 على أن تستأنف إسرائيل في عمليات استهداف قادة حزب الله. وإذا لم يرضح الأخير بحسب تقديرات إسرائيل لهذه النمطية العسكرية يكون احتمال الحرب الموسعة في الجنوب الأقرب إلى الواقع على أن تكون بواسطة الجو وليس عبر اجتياح بري لإجبار حزب الله على الإنسحاب”.
في انتظار ما ستؤول إليه المفاوضات الديبلوماسية في شأن جبهة الجنوب يترقب العالم اليوم الرد الإيراني على الضربة الإسرائيلية “الصامتة”. إلا أن القراءة بين سطور الرسائل المتبادلة بين إيران والولايات المتحدة تظهر أن لا ضربة إسرائيلية “موجعة” لإيران، والأخيرة لن تجازف بإحراق كل أوراقها وهدم ما بنته من أذرع لها في المنطقة على مدى 40 عاما. من هنا يمكن أن نفهم التصاريح الإيرانية التي صدرت عقب الرسالة العسكرية الأخيرة على قواعد الدفاع الجوي في مدينة أصفهان وفيها أن “الرد جاء من إسرائيل” من دون ذكر الولايات المتحدة. بمعنى أوضح “ضربة كف وانتهى الأمر “على ما يختم نادر.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.