تحيّة من مغرِّد سابِق إلى ماريكا سبيريدون…بقلم روني ألفا
تحيّة من مغرِّد سابِق إلى ماريكا سبيريدون
بِقَلَم روني ألفا
ليبانون ديبايت اليوم
ليس لي باعٌ طويلة ولا حتى قصيرة في تقنية التَّغريد على تويتر. جاهدتُ جهاداً عظيماً منذ سنتَين وتحت إشراف مرشدٍ أعلى في جمهورية تويتر لأكوّنَ لنفسي شخصيةً عصفوريةً أسوةً بغيري من المغرّدين. بالطبع بقيت عصافيرُ تصريحاتي شبهَ معدومةً إضافةً الى أنني كنتُ وما أزالُ أتعالَجُ من تعثّراتي في إدارة صفحتي على فايسبوك. في هذا المعترك أعترف بأني في عمرِ اليأس تماماً كالعمرِ الذي تدخلُه المرأةُ عند انقطاعِ الحيض. أمومتُها الروحيةُ في جهوزيةٍ فيما أمومتُها الرّحميّةُ عاطِلةٌ عن الحَمْل. جهوزيّتي التواصلية الإجتماعية عاليةٌ نفسياً إنما عمري لا ينفكُّ يذكّرني بأني محسوبٌ على قلمِ الباركر وحبر الستيلو. باختصار كانَ لي منذُ يومين أولُّ تجربةٍ مع هذا العصفور الأبيض الذي يتخذه تويتر شعاراً.
٣٤٠ مليون تغريدة كل يومٍ يحملها هذا العصفور. أكثَرُ من عددِ عصافير التين في فضاءات العالم على الأرجح. عصفور واحد بملايين التغريدات. الصالح يروح بعزاء الطالِح فيها. المحظوظ يحظى بعصفوره ينَقوِدُ قنبزاً وخبزاً على شرفة منزله. المَنحوسُ ينالُ منها البراز وفضلات إمعاءِه على سترتِه أو زجاج سيارَتِه. كمُّ البَراز الأخلاقي الذي نراه على تويتر في لبنان يحتاج إلى نوع من الكمّامات- الحفّاضات القاطعة للروائح النتِنَة. كمّامات- حفّاضات لم تُختَرَع بعد.
على تويتر يمكنك إذا كُنتَ من التابِعين لحساب أحدِهِم أن تكرّر تغريدَته. هذا يحوّلُكَ إلى ببَّغاء. عصفورٌ مغرّدٌ وببّغاء مقلِّدَة. آخِر براز عصافير وَصَلَني كان منذُ ثلاثة أيام على خلفية إدانتي لإهانة عدنان القصّار. كان ذلك ردّاً على مقال كتبناهُ قبل أن يتناسلَ البَرازُ أيضاً على الهيئات الإقتصادية وجمعية المصارف التي هبّت هي أيضاً لنصرَةِ رَجُلٍ له الفضلُ في شقِّ طريقِ الحرير منذُ أكثر من نصف قرن. يومَها لم يكن عصفور تويتر قد وُلِد. كان زمان الحمام الزاجل يحمِلُ في قوائمه الطريَّة رسائلَ مشفّرَةً عبر القاراتِ والبِحار. أولى الحمائم بعد حمامةِ الروح القدس تحملُ إذا حَسنَت النوايا بُشرى سارّة من مسافاتٍ بعيدةٍ قبل التلغراف والفاكس.
يُتيحُ تويتر خدمة حذف تغريدَتَك طَوعاً. إذا شعرتَ بتأنيبِ ضَميرٍ أو اكتشفتَ بعد تغريدَتَك أنك كنت مخطئاً في التقدير أو في الإتهام أو في إيراد معلومة، يمكنك أن تتراجع عما غَرَّدتَ به.يمكنُ للمنصة أيضاً أن تحذفها من طرفٍ واحد اذا ارتأت أن تغريدَتَكَ تنتهكُ قواعدَ مواقعِ التواصلِ الإجتماعي. ترامب نفسه رأى عصفوره المغرِّد مقطوع النَّفَس بأمرٍ من إدارة تويتر على خلفية نشره مواداً يُحَظّر نشرها لأنها خاضعة لشروط نشر الملكية الفكرية. محمد مهاتير اصطيدَ عصفوره هو أيضاً على خلفية تغريدة كتب فيها
” أن المسلمين لديهم الحق بالغضب وبقتل ملايين الفرنسيين انتقاماً من المجازر التي ارتكبوها في الماضي”.
مَن يفلّي قَملَ تغريدات اللبنانيين هذه الأيام سيجمَع عدداً غير مسبوق من الأعضاء التناسلية وأجناس الحيوانات وانتهاك الأعراض ونبش القبور وأنواع مبتكرة من الشّتائم لَم تصنّفها منصة تويتر بعد. ماخور حقيقي فيه كل مومسات الكلام وسوق دعارة حقيقي ترشحُ ماريكا سبيريدون بالمقارنة به زَيتاً قدسياً وسمعةً عَطِرَة. ما يكفيني لاتخاذ قرار الخروج من رفّ العصافير هذا والعودة الى العشّ. أكتفي راهناً بِتحوّلي إلى دجاجة غير مبيضَة تفادياً لفرضِ ذريتي على النَّاسِ أجمَعين.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.