نقلا عن المركزية –
أمام أركان القيادة وقادة الوحدات الكبرى والأفواج المستقلة وأعضاء المجلس العسكري قالها قائد الجيش العماد جوزف عون: “العسكريون يعانون ويجوعون مثل الشعب”. صدى البيان اخترق قاعة اليرزة ووصل إلى آذان سياسيين وقادة جيش سابقين لكن المقصود كان أولا العسكر المنتشرعلى الطرقات وفي الجرود وثانياً الشعب الجائع الذي نزل إلى الشارع في يوم “إثنين الغضب”. كان المطلوب أن يقف الجيش في وجه ناسه، شعبه الذي يئن من الفقر والفساد ويتظاهر سلمياً. وكان المطلوب أيضاً أن يقمع صرخات الإحتجاج على عيشة الجحيم ويفتح الطرقات بالقوة. فكان الجواب الذي هز ضمائر المحتجين: “الجيش مع حرية التعبير السلمي التي يرعاها الدستور والقوانين والمواثيق الدولية لكن دون التعدي على الأملاك العامة والخاصة كما لن يسمح بالمس بالإستقرار والسلم الأهلي”.
الرسالة وصلت لا بل حفرت. وأول رد فعل كان في أوساط المتظاهرين الذين كللوا غضبهم بتاج الكرامة وانعكس إيجابا على لغة التعبير في الشارع مع عناصر الجيش.
العميد الركن المتقاعد خالد حماده اعتبر أن بيان اليرزة كان ملتزماً بما يمليه الدستور والقانون، في حين أن ما ورد في بيان بعبدا لجهة دفع القوى الأمنية وزجها في صدام مع المتظاهرين بدعوتها لفتح الطرق تحت حجة الإعتداء على حرية التنقل كان سيدفع إلى مزيد من الإشتباك ربما بين المواطنين والقوى الأمنية”. أضاف حماده عبر المركزية:” قائد الجيش كان واضحاً عندما حذر من مغبة الرهان على انقسام المؤسسة العسكرية كما حصل في العام 1975 فهم لن يستطيعوا أخذ المؤسسة العسكرية إلى الصدام مع مواطنيها”..
في الشارع تلقف المواطنون التصريح بإيجابية “وهم دائما كانوا على علاقة جيدة مع المؤسسة التي يثقون بها، زد على ذلك أن الثوار لم يحرجوا الجيش في اليومين الماضيين”. ويختم:” صحيح أنهم أقفلوا الطرقات لكنهم كانوا يفتحونها من حين إلى آخر لأن المقصود كان التعبير عن الضائقة المعيشية وليس التضييق على المواطنين في تنقلاتهم”.
مفاعيل البيان الذي فعل فعله في الأوساط الشعبية والسياسية والديبلوماسية لم ولن تقتصرعلى مكان وزمان خصوصا أن التحركات الشعبية مستمرة . وبين نداء القائد الميداني والقائد العسكري الأمر لمن؟
” بيان قائد الجيش في يوم إثنين الغضب، كان بمثابة صرخة تعبر عن وجع المؤسسة الضامنة لكل اللبنانيين والأهم أنها صرخة بإسم المؤسسة العسكرية الموجوعة كما كل المتظاهرين في الشارع وليس بإسمه الشخصي”.هكذا يقرأ مستشار الرئيس ميشال سليمان بشارة خيرالله مضمون البيان الذي أطلق من خلاله العماد جوزف عون نداء عسكريا “حفاظاً على ما تبقى من مؤسسات”. ولفت إلى أن نداء اليرزة كان واضحاً ومباشرا لا سيما في النقطة المتعلقة بقمع التظاهرات وفتح الطرقات بالقوة بقوله:”لا تحاولوا وضع الجيش في مواجهة شعبه وناسه”. وبذلك يكون العماد عون قد ترجم مفهوم القيادة السليمة للجيش من دون ان يخرج عن مبادئ القانون والدستور “.
ثمة من قارب في موقف العماد جوزف عون مع موقف الرئيس ميشال سليمان الذي كان قائدا للجيش عام 2005 فهل يعيد التاريخ نفسه؟ ويروي خيرالله عن واقعة مشابهة حصلت بين 14 شباط و14 آذار 2005:” كانت الأرض تغلي والنفوس مشحونة عقب اغتيال الرئيس رفيق الحريري.وفي احد الإجتماعات توجه الرئيس السابق إميل لحود إلى قائد الجيش آنذاك ميشال سليمان وطلب منه قمع التظاهرات فأجابه:” مؤسسة الجيش وأنا ملتزمون بضبط النفس والأمن والمؤسسات العامة والخاصة بحسب الدستور ولا يجوز قمع التظاهرات بالقوة إذا لم تكن هناك أعمال شغب وتعد على المؤسسات العامة والخاصة”.
موقف أقرب إلى النداء ذاك الذي أطلقه العماد جوزف عون من اليرزة يوم “إثنين الغضب” وأخمد إلى حد ما غضب الشارع. فهل وصل صداه إلى السفارات وتلقفته أروقة الديبلوماسيات العربية والدولية، أم ثمة يد خفية قد تتسلل إلى الشارع وتحول النداء إلى الأمر لي؟.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.