الفاتيكان وبكركي “يقرّعان” للمنظومة
المركزية- يتفوّق أهل المنظومة السياسية على أنفسهم يوميا. في كل مرة تخالهم بلغوا السقف الاعلى، يفاجئون الداخلَ والخارج، بقدرتهم على الذهاب ابعد. دربُ ايلاء مصالحهم وحصصهم، الاولويةَ المطلقة، واعلاؤها على وجع اللبنانيين المرضى “المنهوبين” الجائعين، المفجَّرين بالامونيوم والنيترات، واسلوبُ استخفاف الممسكين بمقاليد البلاد، بمأساة الناس والعقول الى درجة باتوا – ببرودة اعصاب “إجرامية” – يعدونهم بهدية ميلادية يوم الثلثاء قبل ان ينعوها الاربعاء، دون ان يرف لهم جفن… هذا السلوكُ الذي انتفض ضده الشعب اللبناني في 17 تشرين، قبل ان يهجوه المجتمع الدولي بأسره من باريس الى لندن مرورا بواشنطن، وصّفه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي اليوم بعبارات يندى لها الجبين – جبين أصحاب الضمائر الحيّة، طبعا – اذ قال بعد ان لم يتردّد اهلُ المنظومة في ضمّه ومبادرته الحكومية الى لائحة “ضحاياهم”: أمام هذا الواقع لا يسعنا القول سوى أن هذه الجماعة السياسية إنما تتولى إدارة دولة عدوة وشعب عدو. اما آخر الادانات الخارجية الصارخة للطبقة الحاكمة، فأتى من الفاتيكان. ففي رسالة وجدانية وجهها البابا فرنسيس الى اللبنانيين في عيد الميلاد معربا “عن كبير ألمه عندما أرى الوجع والقلق الذي يخنق روح الإقدام والحيوية التي فطرت عليها بلاد الأرز”، قبل ان يواسيهم بقوله “إن عظمة الأرز في الكتاب المقدس هي رمز الثبات والاستقرار والحماية”، وبإعلانه نيته زيارة بيروت.. في هذه الرسالة، ناشد الزعماء السياسيين والقادة الروحيين، مستعيرا هذا المقطع من إحدى الرسائل الراعوية للبطريرك الياس الحويك: “أنتم أيها المسلطون (…)، أنتم يا قضاة الأرض، أنتم يا نواب الشعب، الذين تعيشون نيابة عن الشعب، (…)، أنتم ملزمون، بصفتكم الرسمية ووفقا لمسؤولياتكم، أن تسعوا وراء المصلحة العامة. وقتكم ليس مكرسا لمصالحكم، وشغلكم ليس لكم، بل للدولة وللوطن الذي تمثلونه”… لكن، لسان حال اللبنانيين “على مَن تقرأ مزاميرك يا داود”؟ وهم يصلّون لطفل المغارة، على نية ان تولد، مع ولادة المخلّص، لدى المتحكمين برقابهم، بعضُ الرحمة والمسؤولية…
استياء رئاسي؟! في وقت نغّصت كورونا وتفشيها الجنوني في الداخل، معطوفة الى الازمة الاقتصادية – المالية الخانقة و”التخبيصِ” السياسي المتمادي فصولا، على اللبنانيين، فرحةَ الميلاد، حاولت بكركي “الانتفاضَ” لهم ولكرامتهم. فوجّهت انتقاداتٍ من العيار الثقيل الى المنظومة السياسية “تليق” بحجم “خطاياها”. ويبدو هذا السقف المرتفع لم يَرُق لبعبدا. ففي قرار مفاجئ، وغداة قول الراعي من القصر منذ ايام قليلة إن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون سبقه الى ابلاغه بأنه سيشارك في قداس الميلاد، أعلنت رئاسة الجمهورية ان الرئيس عون اجرى اتصالا هاتفيا بالبطريرك الراعي مهنئا بحلول عيد الميلاد والسنة الجديدة، وابلغه اعتذاره عن عدم المشاركة في القداس الاحتفالي في بكركي غدا بسبب الظروف الصحية الراهنة وتداعيات جائحة “كورونا”، وتمنى للبطريرك “ان يعيد الله العيد على لبنان واللبنانيين في ظروف افضل“.
لا ضمير: وكان الراعي وجه رسالة الميلاد الى اللبنانيين وجاء فيها “هناك من يريد أن يقضي على لبنان النموذج والرسالة والاستثناء عمدا أو جهلا. لكن رجاءنا وطيد بأن لبنان أقوى من كل هذه المحاولات. وقد أثبت ذلك في الماضي وسيثبته في الحاضر. سيقوم بالعزة والمجد. ونحن عازمون على مواجهة التحديات مهما تعددت وعظمت. نحن مصممون على إنقاذ لبنان الديمقراطي، الحيادي، المستقل. لبنان السيادة والشراكة والرقي. وتابع “تعلمون أن مسؤولياتنا التاريخية والوطنية دفعتنا إلى القيام بمبادرة تهدف إلى حث المسؤولين على تأليف حكومة سريعا، منعا للإنهيار الشامل. ومنذ اللحظة الأولى كنا ندرك الصعوبات الداخلية والخارجية، ووجود أخرى خفية ومفتعلة تعيق التشكيل. لكننا أخذنا بالاعتبار مصلحة المواطنين ومآسيهم. كنا نراهن على الضمير. وكان المبدأ ألا يتحكم أي طرف بمفاصل الحكومة خارج المساواة بين الطوائف. الشعب، ونحن معه، يريد حكومة اختصاص محصنة بوجه التسييس تتولى ورشة النهوض والإصلاح، وتعيد لبنان إلى منظومة الأمم. كنا في معرض إنتظار حكومة تصلح الدولة، لا في معرض تأليف حكومة يسيطر البعض من خلالها على مفاصل البلاد. كنا في معرض إنقاذ الشعب لا في معرض إعلان سقوط الدولة. لقد أسفنا كل الأسف لسقوط الوعود التي أعطيت لنا. فعاد تأليف الحكومة إلى نقطة الصفر. أيها المسؤولون، فكوا أسر لبنان من ملفات المنطقة وصراعاتها، ومن حساباتكم ومصالحكم المستقبلية الخاصة. حبذا لو يبادر المعنيون إلى مصارحة الشعب في أسباب عدم تأليف الحكومة. فمن حقه أن يعرف واقعه ومصيره. ان لدى بعض المسؤولين الجرأة في الفشل، فليكن لدى البعض الآخر الجرأة في النجاح، وفي مصارحة الشعب. وختم “مع كل ما جرى نحن مستمرون في مساعينا بكل ما أوتينا من قوة وإيمان ومن ثقة الشعب وشبابه. من كان مؤتمنأ على التاريخ لا يتراجع أمام صعاب الحاضر. فمساعينا لا تهدف إلى تأليف حكومة وحسب، بل إلى إنقاذ لبنان، وسننقذه”.
البابا للعالم: من جانبه، وجه البابا فرنسيس رسالة للبنانيين تلاها البطريرك الراعي وجاء فيها “أنا، الذي أشارككم، بقلب صادق، كل فرح، كما أشارككم كل خيبة، أشعر اليوم، في عمق نفسي، بهول خساراتكم، خصوصا عندما أفكر بالكثير من الشباب الذين انتزع منهم كل رجاء بمستقبل أفضل. إن عظمة الأرز في الكتاب المقدس هي رمز الثبات والاستقرار والحماية. الأرز هو رمز الصديق الذي، من خلال تجذره بالرب، يعكس جمالا وهناء، والذي، أيضا في الشيخوخة، يرتفع عاليا ويعطي ثمارا وفيرة. مثل الأرز، استقوا من أعماق جذور عيشكم المشترك، لكي تصيروا مجددا شعبا متضامنا؛ ومثل الأرز، الذي لا تقهره العواصف، هلا استطعتم الاستفادة من تقلبات الظروف الحالية لإعادة اكتشاف هويتكم”. وتابع “إن محبتي للشعب اللبناني الغالي، الذي أنوي زيارته في أقرب فرصة ممكنة، إضافة إلى الاهتمام الدائم الذي حرك عمل أسلافي وعمل الكرسي الرسولي، تدفعني للتوجه مجددا إلى المجتمع الدولي. فلنساعد لبنان على البقاء خارج الصراعات والتوترات الإقليمية. فلنساعده على الخروج من الأزمة الحادة وعلى التعافي.
القوات – امل: وفي وقت أرخت عطلة الاعياد بظلالها على الحركة السياسية فشلّتها بشكل شبه تام، سُجّلت مناوشات بين القوات والتنمية والتحرير على خلفية قانون الانتخاب، توحي باشتباك اوسع حول هذا الملف في الفترة المقبلة. فقد غرد عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب أدي أبي اللمع : “يقال أن الرئيس نبيه بري يرفض إجراء الانتخابات النيابية على أساس القانون الحالي، وهذا يعني انه لا يريد انتخابات بالمطلق. إن إثارة موضوع قانون الانتخاب في هذا الوقت هو حجة للتملص من أي انتخابات مبكرة أو في وقتها انطلاقا من أوضاع 8 آذار الانتخابية المعروفة“. وسريعا، رد عليه عضو التنمية والتحرير النائب قاسم هاشم مغردا “إذا كان البعض جادا في أن تكون الانتخابات في موعدها أو مبكرة، فما عليهم الا نقاش قانون الانتخابات سواء الاقتراحات الجديدة، أو ما يحتاجه القانون الحالي من تعديل ضروري، هذه رؤية وتوجه كتلة “التنمية والتحرير” منذ لحظة انتهاء انتخابات عام 2018، ولا يزايدن احد في حرصنا على الانتخابات وتطوير النظام لحماية لبنان“.
أكثر المسهّلين: اما حكوميا، فدخلت عملية التأليف في سبات عميق سيستمر على الارجح الى ما بعد نهاية العام، وربما أكثر. لكن بحسب ما تقول مصادر متابعة عبر “المركزية”، فإن تدخّل حزب الله لدى حلفائه قادر على حل المشكلة. على اي حال، اكد عضو المجلس السياسي في “حزب الله” الوزير السابق محمود قماطي اليوم “موقف “حزب الله” الثابت والدائم بضرورة الاسراع في تشكيل الحكومة”، معتبرا ان “كل ما يعلن من إعلام مغاير لذلك هو اعلام خاطئ، “حزب الله” يريد تشكيل هذه الحكومة في أسرع وقت ممكن، وهو من اكثر القوى المسهلة لانتاج وتشكيل هذه الحكومة في ما يخصه ويخص الاخرين، ويحاول ان يذلل العقبات بقدر الامكان لان وضع الشعب اللبناني والجوع والوجع والاقتصاد، والناس اصبحت في حالة يرثى لها والانهيار اصبح الى قاب قوسين او أدنى وبالتالي فان وجود حكومة يشكل انقاذا للبلد ولا بد من ذلك في اسرع وقت ممكن“… اما المجلس السياسي لحركة امل فحذر من خطورة الركون إلى التعطيل والفراغ في المؤسسات”.
صفير في بعبدا: ماليا، وفي حين فُتح الباب مجددا امام عودة شركة الفاريز اند مارسال الى بيروت بعيد اقرار المجلس النيابي قانون رفع السرية المصرفية، استقبل الرئيس عون قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا، رئيس جمعية المصارف سليم صفير ومستشاره انطوان حبيب، وأجرى معهما جولة افق تناولت الاوضاع العامة في البلاد، والواقع المصرفي خصوصا. وأعرب صفير عن امله في “ان تحمل السنة الجديدة اياما أفضل للبنانيين في ظل الازمات الراهنة“.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.