
نقلا عن المركزية –
بعد مرور 4 أيام على نيل حكومة «الإصلاح والإنقاذ» ثقة وازنة في مجلس النواب بلغت 95 نائباً، ستواجه الحكومة جملة تحديات تضعها أمام امتحان النجاح والإنجاز علماً أن عمر هذه الحكومة هو سنة وشهران حيث من المقرر أن تشرف على الانتخابات النيابية في شهر أيار 2026 وهو الاستحقاق الأبرز في سياق عدد من الاستحقاقات التي تنتظر حكومة سلام ومن بينها الانتخابات البلدية والاختيارية المؤجلة منذ سنتين على التوالي والتي يصادف موعدها في شهر أيار من هذا العام.
وتنتظر الحكومة ورشة عمل كبرى تشمل تعيينات لملء الشواغر في مناصب عليا أبرزها قيادة الجيش وحاكمية مصرف لبنان. ويقع على عاتق رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون اختيار قائد الجيش خصوصاً أنه ابن المؤسسة العسكرية ولديه معرفة تامة بالعمداء المؤهلين لتسلم قيادة هذه المؤسسة في ظرف صعب يستدعي دعم الجيش اللبناني لاستكمال انتشاره في جنوب لبنان وبسط سلطة الدولة جنوب وشمال نهر الليطاني. أما اختيار حاكم مصرف لبنان فيتم باقتراح من وزير المال ياسين جابر على مجلس الوزراء الذي سيتخذ قرار التعيين بأغلبية الثلثين في ظل تداول بعدد من الأسماء في طليعتها وزير المال السابق جهاد أزعور الذي يشغل حالياً منصب مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندق النقد الدولي والذي كان اسمه مطروحاً لرئاسة الجمهورية، ووزير المال السابق دميانوس قطار الذي لديه علاقات جيدة بالمرجعيات الرئاسية، إضافة إلى أسماء أخرى متداولة بينها المصرفي سمير عساف صديق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس مجلس إدارة جمعية «كلنا إرادة» فراس أبي ناصيف وغيرهم.
ومن المعروف أن أمام حاكم مصرف لبنان الجديد العمل على ضبط الأوضاع النقدية والمالية والمساهمة في إيجاد السبل لإعادة أموال المودعين بالتعاون مع الحكومة وجمعية المصارف وتعزيز الثقة بالعملة اللبنانية بعد الارتفاع الجنوني للدولار الأمريكي. وهذا أمر يتطلب الحسم بمسؤولية وبتوزيع للخسائر وإلغاء نظرية شطب الودائع التي سادت لفترة. وفي حال نجاح الحكومة في هذه المسألة وفي تحقيق الإصلاحات المطلوبة من المجتمع الدولي ستحظى بالدعم العربي والدولي المطلوب لمساعدة لبنان على النهوض من أزماته الاقتصادية والاجتماعية والمالية.
وفي هذا الإطار، يتم التعويل على جولات رئيس الجمهورية جوزاف عون التي يستهلها يوم غد الاثنين بالمملكة العربية السعودية لاستقطاب الدعم الخليجي والعربي ورفع الحظر عن سفر الرعايا الخليجيين إلى لبنان ما يفتح الباب أمام تشجيع السياحة في موسم الصيف وتحريك العجلة الاقتصادية والاستثمارات الغائبة منذ سنوات بفعل السياسات التي تسببت بأكثر من أزمة دبلوماسية مع دول الخليج وبسبب الحملات التي شنّها «حزب الله» ضد المملكة ما جعلها تنكفئ عن الساحة اللبنانية.
على خط آخر، وعملاً بقول الإمام موسى الصدر «لبنان لن يبتسم وجنوبه يتألم»، توجّه رئيس الحكومة نواف سلام على رأس وفد وزاري متنوع من مختلف الانتماءات إلى الجنوب تعبيراً عن التضامن الحكومي مع أهالي القرى الحدودية التي تعرضت لدمار هائل وسقوط عدد كبير من الشهداء في محاولة لإقفال الباب أمام متاريس الاشتباك داخل الحكومة وخارجها في ظل الأصوات التي ارتفعت من البيئة الحاضنة لـ «حزب الله» وتتهم العهد الرئاسي ورئيس الحكومة بالخضوع للقرار الإسرائيلي بعد قرار منع الطيران الإيراني من الهبوط في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت إثر التهديدات الاسرائيلية باستهداف هذا المرفق الحيوي الذي يشكل رئة لبنان وصلة الوصل بينه وبين الخارج.
وما زاد في الطين بلة، صدور موقف أميركي لافت في مضمونه وتوقيته عبّر عنه مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، حول امكانية التطبيع مع لبنان وسوريا والانضمام إلى اتفاقات ابراهام للسلام.
وتحفظ وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي عن التعليق على إقامة سلام مع إسرائيل ولاسيما أن موقف لبنان معروف ويرتبط بمبادرة بيروت للسلام في عام 2002 ومدخله حل الدولتين، في وقت بدا أن أفرقاء في الداخل اللبناني يعتقدون أن فتح هذا النقاش في هذا التوقيت من قبل فريق الممانعة يهدف إلى حرف الأنظار عن تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الذي ينص بوضوح على تفكيك بنية «حزب الله» العسكرية في لبنان كله. ولا يرى هذا البعض فائدة من إثارة الغبار السياسي حول مسائل غير مطروحة مثل قضية السلام مع إسرائيل، معتبراً أن الأساس حالياً هو تحويل منطقة جنوب الليطاني إلى منطقة خالية من السلاح باستثناء السلاح الشرعي للجيش اللبناني وقوات «اليونفيل» تطبيقاً للقرار 1701 ونزعاً للذرائع الإسرائيلية بالبقاء في نقاط مراقبة.
سعد الياس – القدس العربي
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.