نقلا عن المركزية –
تماما كما أطفأت معامل الكهرباء محرّكاتها في الساعات الماضية، مُغرقة لبنان في عتمة شبه شاملة، تبدو المحرّكاتُ السياسية مطفأة ايضا وقد استسلمت لجبل التباينات الذي يباعد بين بعبدا والسراي ويحول حتى الساعة دون إبصار الحكومة الجديدة النور. لكن هذا الهدوء لن يدوم طويلا اذ ان الثنائي الشيعي سيدخل بقوة على الخط، محاوِلا الدفع في اتجاه التشكيل في الاسبوع الطالع، وهو الاخير قبل دخول البلاد في مرحلة الانتخابات الرئاسية وتحوُّل مجلس النواب هيئةً ناخبة في الاول من أيلول.
الثنائي يتحرّك: فبحسب ما تقول مصادر سياسية مطّلعة لـ”المركزية”، سيسعى حزب الله وحركة أمل، الى التوفيق بين الفريق الرئاسي من جهة، والرئيس المكلف نجيب ميقاتي من جهة ثانية، لاستيلاد حكومة مكتملة الصلاحيات تقضي على سجالات قانونية دستورية “بيزنطية” في الفترة المقبلة، بما ان فرضية الشغور الرئاسي تبدو هي المرجحة في حسابات الضاحية، التي لم تحسم بعد اسمَ مرشّحها للرئاسة الاولى، والتي، بطبيعة الحال، لن تُسهّل وصول رئيس لا يغطّي سياساتها وتوجّهاتها، الى قصر بعبدا.
مُلتزم او مُبرمج: وتوكيدا لذلك ولواقع ان الحزب لا يحصر خياراته بين رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية، قال رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد اليوم “رئيس الجمهورية اللبنانية هو الذي يوقع الإتفاقات والمعني بالتفاوض مع الآخرين، فإما أن يكون لدينا رئيس قوي يلتزم فعلا بالسيادة الوطنية ويدافع عنها ويضحي من أجلها وإما أن يكون لدينا رئيس مبرمج من أجل أن يوقع إتفاقيات مع الذين يريدون أن ينتقصوا من سيادتنا وهذا هو أفق المعركة الرئاسية ونأخذها من هذا البعد وليس من بعد تسمية فلان أو فلان“، مضيفا “قبل أن نفكر في تسمية الأشخاص يجب أن نفكر في الغاية التي نريد أن نحميها من خلال اختيارنا للرئيس وهذا تحد لأن الخيارات “بدك تفليها” حتى نعيش من دون قلق وخوف على المصير ومن دون إحساس بأنك غبنت في مرحلة من المراحل“.
الحزب وباسيل: الراداراتُ السياسية سترصد اذا في الاسبوع الطالع، حركة كاسحات ألغام “الثنائي” حكوميا، علما ان احتمالات فشلها في التشكيل تبقى حتى الآن، متقدّمة على احتمالات النجاح، بما ان الفريق الرئاسي يصر على عدم تقديم اي تنازلات للرئيس المكلف. ففي وقت بات خيار “إبقاء الحكومة الحالية كما هي مع تعديل اسمَين فيها”، هو المرجّح، يريد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ان يختار هو، البديلَين منهما، علما ان ميقاتي سبق وقدّم تنازلا بموافقته على إبقاء وزير الطاقة وليد فياض، وزيرا في الحكومة العتيدة، ما يدل على انه ليس مستعدا للتراجع اكثر وأن لا بد للفريق البرتقالي ان يتراجع اذا كان يريد ان تتألّف حكومة جديدة. فهل يمكن للحزب ان يُقنع حليفه النائب باسيل، بخفض سقف شروطه؟
الشرعي الاعلى: اذا لم ينجح، فإن الجدل الدستوري والطائفي حول صلاحيات الرئاسة الاولى وحدود صلاحيات حكومة تصريف الاعمال، سيشتد. واليوم، دخلت على خطه دارُ الفتوى، في بيانٍ عالي السقف حمل دعما لميقاتي وتمسّكا بصلاحيات الرئاسة الثالثة. فقد اعتبر المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى بعد جلسته الدورية برئاسة مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان ان “لبنان يحتاج الى رئيس جديد للجمهورية خاصة بعد سلسلة العثرات والمواقف الارتدادية عن روح الدستور اللبناني واتفاق الطائف وميثاق العيش المشترك، غير ان ما يجري في الوقت الحاضر هو الإلتفاف على هذه القيم والمبادئ، أحيانا بالطعن بشرعية الحكومة الحالية والإلتفاف عليها، وأحيانا أخرى بطرح شعارات التمثيل الطائفي والمذهبي“. أضاف “بينت المرجعيات الدستورية في لبنان كيف ان هذه المواقف التعطيلية المتعمدة لدور الحكومة ولإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها تشكل انتهاكا للدستور واتفاق الطائف”. ودعا المجلس الى احترام النصوص الدستورية. وحذر من ان الإلتفاف على هذه النصوص تحت أي ذريعة لن يؤدي إلا الى المزيد من المتاعب والإضطرابات التي تدفع لبنان نحو الهاوية، بدلا من أن تنتشله مما هو فيه من معاناة“. ورأى أن الصيغة التي قدمها الرئيس المكلف لرئيس الجمهورية لتشكيل الحكومة هي ثمرة اللقاءات والاتصالات والمشاورات التي أجراها الرئيس نجيب ميقاتي مع القوى السياسية والتكتلات النيابية كافة لإنجاز تأليف الحكومة والتي هي الخطوة الأولى على الطريق الصحيح لإنقاذ البلد، وأكد “دعمه وتأييده للرئيس ميقاتي في مسعاه لتشكيل الحكومة وفي الخطوات التي يقوم بها من اجل وطنه وشعبه“. وأبدى المجلس حرصه على صلاحيات رئيس الحكومة في ممارسة المهام المنوطة به والمحددة له في الدستور واتفاق الطائف، ولاسيما في ما يتعلق بتشكيل الحكومة ولا يمكن المس بهذه الصلاحيات تحت أي ذريعة أو مصالح فئوية لأنها تستهدف لبنان وعيشه المشترك وهي قضية وطن وبناء دولة، مما ينبغي الترفع عن الحسابات الضيقة فيها”.
توجّهات بري: الى ذلك، تتجه الانظار الى عظة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي غدا، والى الخطاب الذي سيلقيه رئيس مجلس النواب نبيه بري الاربعاء المقبل في المهرجان الذي يُقام في صور في ذكرى تغييب الامام موسى الصدر ورفيقيه. فهو سيدل، عشية الاول من ايلول، الى توجّهات “الاستيذ” رئاسيا. فالقوى السياسية النيابية المعارِضة للعهد والثنائي، تراهن على ان يبادر بري، ابتداء من لحظة تحوّل المجلس هيئة ناخبة، الى دعوة مجلس النواب للاجتماع لانتخاب رئيس للجمهورية. فهل رئيس المجلس في هذا الصدد، ام انه سيتريّث منتظرا التوافق على اسم مرشّح، وسيبقي يربط الدعوة الى الانتخاب بضرورة اتمام الاصلاحات الاقتصادية المطلوبة من الجهات الدولية المانحة؟ وكيف يمكن ان تتصرف الاطراف النيابية اذا ماطل بري في توجيه الدعوة الى جلسة الانتخاب؟
توحيد المعارضة: في السياق، تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، ان الملف الرئاسي سيصبح سيد الساحة المحلية في قابل الايام، وستتكثف الاتصالات لتوحيد صف القوى المعارضة “رئاسيا”، علما ان خيار تعطيل الجلسات لمنع انتخاب رئيس من فريق 8 آذار بات واردا بقوة في حسابات عدد لا بأس منها.
انهيار شامل: وفي انتظار الفرج الحكومي والرئاسي الذي لا يبدو وشيكا، البلادُ منهارة والقطاعاتُ الاساسية مضرِبة ولا مَن يحاول ايجاد حلولٍ فعلية. واذ تدرس اللجان المشتركة الثلثاء قانونَ الكابيتال كونترول، لا يزال سعر الصرف الذي سيُعتمد في الموازنة وسعرُ صرف الدولار الجمركي، محطَ خلاف وأخذ ورد حكومي ونيابي، والتخبّطُ يطبع التعاطي الرسمي مع كل الملفات المعيشية والاقتصادية والمالية والاصلاحية، معمّقا معاناة اللبنانيين القابعين في الفقر والعتمة الشاملة والحر الحارق، على ابواب موسم العودة الى المدارس وفصل الشتاء.
الوضع التربوي: ليس بعيدا، أشار وزير التربية عباس الحلبي إلى أن “المساعي مستمرة لتأمين تمويل يتيح فك إضراب أساتذة الجامعة اللبنانية وتأمين الرواتب اللائقة لهم“. واكد انه “لا يعارض مبدأ إستيفاء المدارس الخاصة أموالا بالدولار بما يسهم بتعزيز رواتب المعلمين، شرط أن تبادر إدارات هذه المدارس إلى التصريح عن حجم الأموال المدفوعة من خلال الموازنات المرفوعة إلى وزارة التربية”.
مع مطالب القضاة: من جانبه، أكد وزير العدل هنري خوري أن “القضاة ليسوا هواة اعتكاف، فالقضاء يخوض معارك وجود منذ الاستقلال وحتى اليوم“. وقال “أنا مع مطالب القضاة ففي الظروف الاستثنائية التي نعيشها لست ضد ان يأخذ كل ذي حق حقه“. وأشار خوري الى ان اجتماع عقد اليوم مع الرئيس نجيب ميقاتي لمراجعة لنقاش معظم الأمور والحلول التي ستلعب فيها الوزارة دورا كبيرا. وقال “طرحت اقتراح قانون استقلالية القضاء وتباحثت في الموضوع داخليا وخارجيا، ومن هنا حتى 10 أيام على أبعد تقدير أكون انتهيت من وضع الملاحظات عليه“. وختم خوري “أتمنى ان يعود القضاة عن اعتكافهم ونحن نعمل على تحقيق مطالبهم ليعودوا ويمارسوا عملهم، فهم لن يتوانوا عن أداء مهامهم“.
الحل الاثنين؟: اما عن اضراب موظفي شركتي الخلوي، فقال وزير الاتصالات جوني القرم “انا جزأت الخطة على 3 اشهر وربطت موضوع الموظفين بالخطة، بمعنى انه كلما استطاعوا تحسين الشبكة سيتحسن وضعهم لان ولائي الاول للمواطن وبالدرجة الثانية للموظف وبالدرجة الثالثة للمورد. وكي لا ينتظر الموظف كثيرا قسمت الخطة ويعطى حقوقه تدريجيا، لكن ردة فعلهم كانت بطلب الزيادة دفعة واحدة الامر الذي رفضته ولا زلت ارفض ذلك لكن عندي امل بان الحل سيتحقق الاثنين“.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.