نقلا عن المركزية –
استعرضت صحيفة وول ستريت جورنال تداعيات الوضع الاقتصادي “المنهار” في لبنان، والذي فاقمه انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس من العام الماضي، وأشارت إلى أن هذا الاقتصاد “ربما لن يعود إلى ما كان عليه من قبل”.
وعمّقت كارثة انفجار المرفأ وتفشي فيروس كورونا قبلها، الانهيار الاقتصادي الذي يشهده لبنان منذ صيف 2019. وبات أكثر من نصف اللبنانيين تحت خط الفقر، وفقدت الليرة اللبنانية أكثر من 90 في المئة من قيمتها أمام الدولار، فيما ارتفعت أسعار مواد أساسية بأكثر من 700 في المئة.
وانطلقت بعد ظهر الأربعاء مسيرات عدة في العاصمة اللبنانية بيروت، بمناسبة مرور سنة على الانفجار، الذي أودى بحياة أكثر من مئتي شخص، ودمر أحياء في المدينة وفاقم انهيارا اقتصاديا ينهش البلاد منذ مدة.
ويقول تقرير وول ستريت جورنال إن انقطاع التيار الكهربائي أصبح متكررا لدرجة أن المطاعم تخصص ساعاتها وفقا لجدول الكهرباء من المولدات الخاصة، وتندلع المشاجرات في المحلات حيث يندفع المتسوقون لشراء الخبز والسكر وزيت الطهي قبل نفادها أو ارتفاع أسعارها.
وغادرت الكوادر الطبية إلى خارج البلاد، فيما تضرب البلاد موجة جديدة من الإصابات بكوفيد-19، وارتفعت حوادث السرقة والقتل.
ومن بين حالات القتل التي تعكس الوضع المتردي، حالة عامل محطة وقود يدعى، غيث المصري، قضى في مشاجرة مع زبون بعد أن رفض طلبه بتجاوز حد الحصص المخصصة، وفقا للصحيفة ووسائل إعلام لبنانية.
وفي مستشفيات لبنان، نفدت بعض أدوية التخدير وجراحة القلب ويبحث الموظفون عن الوقود والماء، بحسب رئيس نقابة أصحاب المستشفيات الخاصة، سليمان هارون، الذي قال لوول ستريت جورنال: “بدلا من الاهتمام بالأشياء المهمة، نعتني بأشياء تافهة مثل إيجاد الديزل للمولدات والكهرباء والمياه، والتي يتعين علينا بعد ذلك تعقيمها”.
ويقول التقرير إن لبنان الذي كان في العقود الأخيرة مكانا “يسوده الهدوء النسبي في منطقة مضطربة يعيش الآن في ظل انهيار اقتصادي يحدث مرة واحدة في القرن”.
ويشير إلى أن البنك الدولي قال، في مايو الماضي، إن الأزمة الاقتصادية في البلاد يمكن أن “تصنف ضمن الأزمات الثلاث الأولى في العالم خلال الـ 150 عاما الماضية”.
ويصنف البنك الدولي أزمة لبنان على أنها أسوأ من أزمة اليونان، التي اندلعت في عام 2008، وتسببت في تشريد عشرات الآلاف من الأشخاص ودخول سنوات من الاضطرابات الاجتماعية، وأكثر حدة من أزمة عام 2001 في الأرجنتين، والتي أسفرت أيضا عن اضطرابات واسعة النطاق.
“التعافي”
ويقول البنك الدولي إن لبنان قد يأتي بعد تشيلي، التي احتاجت إلى 16 عاما للتعافي من انهيارها، عام 1926، وإسبانيا خلال حربها الأهلية في الثلاثينيات والتي استغرق تعافيها 26 عاما. وقدر البنك أن لبنان قد يستغرق ما بين 12 و19 عاما للتعافي.
وفي حين أن العديد من الأزمات الاقتصادية تنبع من الحروب والكوارث الطبيعية، أو الوباء في الآونة الأخيرة، فإن انهيار لبنان “يكشف عن قدرة الحكومة التي لا حدود لها على إلحاق الضرر بنفسها”.
وعانى لبنان على مدى سنوات من سوء الإدارة الحكومية والفساد الذي تسبب في أزمة مالية في عام 2019، ما أدى إلى “تخلف البلد عن سداد سنداته لأول مرة منذ استقلاله عن الانتداب الفرنسي عام 1943”.
وما يحدث في لبنان اليوم “لم يحدث حتى أثناء الحرب الأهلية التي استمرت لسنوات، ومع استيعاب ملايين اللاجئين من الدول المجاورة، والصراعات المتكررة مع إسرائيل، والاغتيالات السياسية”.
مايك أزار، خبير تمويل الديون الذي قدم المشورة للوكالات الحكومية الأميركية قال للصحيفة الأميركية: “في مرحلة ما، تصبح الأزمة سيئة للغاية حتى أن اللبنات الأساسية للانتعاش ينتهي بها الأمر بالاختفاء. لن تعود أبدا إلى نوع الاقتصاد الذي كان لديك من قبل”.
وجاءت فرصة لبنان لوقف سقوطه، العام الماضي، عندما وضعت الحكومة خطة إصلاحات اقتصادية، لكن السياسيين رفضوها، وهو ما أدى إلى استقالة الخبراء المشاركين في صياغتها، ومن بينهم آلان بيفاني، الذي عمل لمدة 20 عاما في وزارة المالية اللبنانية.
وقال بيفاني للصحيفة: “إذا كنت لا تريد إدخال إصلاحات، ولا تريد السماح للاقتصاد بالانتعاش، فماذا سنفعل؟”.
وعقدت الدول المانحة بدعوة من فرنسا وبرعاية الأمم المتحدة، مؤتمرها الثالث منذ الانفجار، لدعم حاجات اللبنانيين، وعد خلاله الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بمساعدات جديدة للشعب اللبناني بقيمة مئة مليون يورو.
وتسعى إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، إلى مضاعفة ميزانية الدعم الاقتصادي للبنان عبر الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) إلى 112 مليون دولار للسنة المالية المقبلة، بحسب مسؤول مطلع على الميزانية.
وقال البيت الأبيض في بيان إن مجموع ما قدمته الولايات المتحدة للبنان من المساعدات الإنسانية خلال العامين الماضيين بلغ 560 مليون دولار
وقال بايدن قال في كلمة إن معاناة الشعب اللبناني تزداد بسبب الأزمة الاقتصادية، وإن على العمل أن يبدأ الآن لإخراج لبنان من هذه الأزمة.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.