نقلا عن المركزية –
يمكن اختصار المشهد اللبناني، سياسيا بعد انقضاء ستة اشهر ونصف الشهر على عدم تشكيل حكومة، بأنه بات تحت رحمة الوقت الضائع المهدور عن سابق تصور وتصميم، وشعبيا تحت رحمة الاطارات المشتعلة التي تقطع اوصال البلاد، علّ دخانها يدخل قصور المنظومة الحاكمة الجالسة على كراسيها تتفرج على تهاوي اللبنانيين تباعا الى قعر الحفرة التي حفرتها لهم بأيديها بانحيازها الى سياسة المحور الذي يضرب “سفيره” عرض الحائط استدعاء رسميا له لمساءلة عن اهانة وجهها للبنان بشخص بطركه، وتُدَفِّعهم وهم يتساقطون ثمن اقترافاتها، فيما هي ماضية في التعاطي بخفة مع وجعهم ومنشغلة بكيفية تحصيل ثلث معطل او مقعد وزاري يضمن لها تمرير صفقاتها ومصالحها على حساب الوطن الموضوع في غرفة العناية الفائقة معانياً من خطر وجودي اقتصاديا وماليا واجتماعيا، ولا من يحاكي حاجته الملحة الى حكومة انقاذ قبل فوات الاوان.
وفي الوقت المستقطع وساطة جديدة يقوم بها المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، غير معروفة حظوظ نجاحها على رغم ان كفة الميزان ترجح الخيار السلبي، استنادا الى نتائج كل المحاولات السابقة.
طرح جديد: فيما استمرت حركة الاحتجاجات الشعبية في الشارع لليوم الثاني على التوالي، وإن بزخم أقلّ، وقد لفت الانتباهَ التنسيق بين المنتفضين والجيش لفتح الطرق تارة واعادة اقفالها طورا، بدا ان الجمود الذي طبع ضفة تأليف الحكومة منذ أسابيع، تحرّك، غير ان لا يزال من المبكر الحكم على الطرح “الانقاذي” الجديد الجاري العمل عليه حاليا بمسعى من اللواء ابراهيم الذي زار اليوم بكركي، حيث استقبله البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، الحاضر بقوة ايضا على ساحة التشكيل. مسؤول الاعلام في الصرح وليد غياض قال في حديث اذاعي: أجواء لقاء الرجلين ايجابية والأمل موجود بتشكيل الحكومة في وقت ليس ببعيد والضغط يجب أن يتركز في كل الاتجاهات حاليا من اجل التشكيل. واذ افيد ان تحقيق الخرق المرجو لا زال يحتاج جهدا اضافيا، وان الرئيس نبيه بري ليس بعيدا من مساعي ابراهيم، كشفت مصادر نيابية لـ”المركزية” عن بعض جوانب الحل- المخرج للازمة الحكومية. فهو يقوم على تأليف حكومة مهمة من 18 وزيرا من الاختصاصيين غير السياسيين لا تتمثل فيها الاحزاب، تكون بعيدة من المحاصصة. يُعطى الرئيس ميشال عون وفريقه في هذه التركيبة، 5 وزراء زائدا وزيرا للارمن، من دون ان ينال ثلثا معطلا. في الموازاة، تُعطى وزارة العدل للرئيس المكلف سعد الحريري وكذلك الداخلية، على ان يختار الحريري الاسمَين من ثلاثة اسماء يقترحها عون لشخصيات غير سياسية وغير حزبية وغير استفزازية. بحسب المصادر، الرئيس عون وافق على الاقتراح، الا ان الحريري طلب موافقة رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل ايضا عليه من دون ان يشترط اعطاء نواب التيار الثقة للحكومة.
الحريري – لافروف: وبينما سيناقش ابراهيم هذا الطرح مع الرئيس المكلف سعد الحريري فور عودته الى بيروت، فإن الاخير التقى اليوم وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف في أبو ظبي. وحضر اللقاء نائب الوزير الروسي ميخائيل بوغدانوف ومستشار الحريري جورج شعبان .
لن يعتذر ولن يرضخ: عضو كتلة “المستقبل” النائب محمد الحجار أكد لـ”المركزية” “أن لا تطورات جديدة في الملف الحكومي. والكلام عن تخلي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عن الثلث المعطل نسمعه في الاعلام، لكن الحريري لم يتبلغ رسمياً بهذا الموضوع حتى نبني عليه، ولم يتصل الرئيس عون بالحريري، ليدعوه للجلوس معاً وإطلاعه على قراره بالتخلي عن الحصول على خمسة وزراء ووزير للطاشناق، او لطرح ملاحظاته او تعديل الاسماء او الحقائب المطروحة”. اما بالنسبة للهجوم على الحريري، من ابواق ومنابر اصبحت معلومة، فإن الهدف منها دفعه الى التراجع عن التزامه بالمبادرة الفرنسية، وبالتالي دفعه الى الاعتذار او الرضوخ للمطالب التي يريدها فريق عون – باسيل، وهذان الامران لن يحصلا، لن يعتذر ولن يرضخ. هناك مبادرة فرنسية موجودة، تتحدث باسم المجتمع الدولي ومدعومة عربياً ودولياً وهي الفرصة الوحيدة المتوفرة للبنان لوقف ولجم الانهيار واعادة إعمار ما تهدّم بفعل الانفجار الكارثي الذي حصل في مرفأ بيروت، والبدء بإصلاحات جدية نتمكن على اساسها من الحصول على المساعدات الخارجية، وبالتالي الحريري متمسك بهذا المسار وبهذه المبادرة حتى يصل بها الى ما يطمئن اللبنانيين الى مستقبلهم ومستقبل اولادهم”.
الجميل وفرنجية: وكان النائبان طوني فرنجية وفريد الخازن زارا بكركي اليوم ايضا، حيث اكد فرنجية ان “المدخل إلى كل حل تشكيل حكومة، والعناد حيال هذا الموضوع جريمة موصوفة”، مضيفا “طرح البطريرك هواجسه وطرحنا هواجسنا حيال المبادرات التي نسمعها”. اما الرئيس امين الجميل، فاعتبر من الصرح ايضا، ان “كلام قائد الجيش العماد جوزف عون يتكامل ويتقاطع مع كلام البطريرك الراعي، وهو صرخة ضمير ونحن إلى جانبه في حماية الوحدة الوطنية”. أضاف عقب لقائه الراعي في بكركي: اذا غاب الجيش حضرت الفوضى ونحن ندرك نتائجها، وأثنى على الدور الوطني والتاريخي الذي يلعبه الراعي في هذه المرحلة الدقيقة والمصيرية التي تمرّ بها البلاد وقال “نعرف الدور الذي يقوم به غبطته للمحافظة على الكيان وأشعر بمدى خوفه على الجيش الذي هو من الشعب”، آملا “أن يتعظ المسؤولون من هذا الكلام الخطير الذي قاله قائد الجيش وهو محق بذلك”. وشدد الجميل على ان “المؤتمر الدولي الذي يطالب به البطريرك الراعي لا يعني وصاية جديدة على لبنان”.
ملاحقة الصرافين: في الغضون، وغداة اجتماع بعبدا الاقتصادي – الامني الذي دعا الى ملاحقة الصرافين ومنصات تحديد سعر صرف الدولار، توقف الصرافون في ساحة شتورا عن العمل وعمدوا الى قطع كل الطرقات التي تصل إلى ساحة شتورا بالاطارات المشتعلة رفضا لتوقيف عدد منهم وختم بعض المحال بالشمع الاحمر. كما تم توقيف عدد من صرافي السوق السوداء في صور.
مجالس غير دستورية: في المقابل، غردت عضو كتلة المستقبل النائبة رولا الطبش عبر حسابها على “تويتر”: انتظرنا من المجالس الرئاسية غير الدستورية أساسا،ان “تشيل الزير من البير”، فإذا بها تتمترس خلف مصالحها وتحاول زج الاجهزة في مواجهة الشعب المنتفض، وتسقط في امتحان المبادرة نحو عمل إصلاحي حقيقي. فقبل أن تهرعوا الى فتح طرق الجوع الداخلية، ليتكم سارعتم الى إغلاق طرق التجويع الحدودية.
تهريب وتخزين: على اي حال، وفيما المشاكل تتفاقم والاوضاع المعيشية تتردى، رفع عدد من محطات المحروقات خراطيمه بعد ان نفذ مخزونه من الوقود. ووسط أزمة كورونا، غرّد رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي على حسابه عبر “تويتر” قائلا “نقص أدوية مع تهريب وتخزين، نقص مستلزمات طبية وإذا تأمنت بالدولار وبأسعار خيالية، مرضى كورونا لا أسرة شاغره لهم، وإذا تأمنت فروقات بالملايين، مع العلم بأن البنك الدولي تكفل بدفع تكاليف علاجهم بغياب الدولة والمحاسبة”. وأضاف “الخاسر الأكبر هو المريض، والرابح الوحيد هو الجشع”.
عون والتسرب: من جهة اخرى، طلب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من القائمة باعمال الممثل الخاص للامين العام للأمم المتحدة في لبنان السيدة نجاة رشدي، خلال استقبالها ، تضمين التقرير الذي سيناقشه مجلس الامن في 18 آذار الجاري حول القرار 1701، مسألة تسرب المواد النفطية من شواطئ فلسطين المحتلة الى الشواطئ اللبنانية لاسيما وان الاضرار التي نتجت عنه كبيرة. وسلم الرئيس عون السيدة رشدي نسخة عن التقرير الاولي الذي اودعه لبنان الأمم المتحدة عن الاضرار في الثروة البيئية والمائية بعد المسح الميداني والجوي الذي اجري للمياه والشواطىء اللبنانية. واكد رئيس الجمهورية ان لبنان يتمسك بحقوقه في التعويض عن الاضرار البيئية والاقتصادية، لاسيما وانه لا يزال يعاني من تداعيات البقعة النفطية التي نتجت عن القصف الإسرائيلي في حرب 2006.
جلسة عامة: الى ذلك، دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى عقد جلسة عامة، في الاولى والنصف من بعد ظهر الجمعة المقبل، في قصر الأونيسكو، لدراسة وإقرار مشاريع واقتراحات القوانين المدرجة على جدول الأعمال.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.