نقلا عن المركزية –
تستضيف باريس غداً اجتماعا خماسيا للنظر في تشعبات الملف اللبناني من جميع جوانبه. وكانت العاصمة الفرنسية قد استضافت عددا من اللقاءات للنظر في الفراغ الرئاسي والدفع نحو انتخاب رئيس للجمهورية في اطار حزمة متكاملة تشمل ايضا تشكيل حكومة جديدة وتنفيذ الاصلاحات من اجل اخراج لبنان من دوامة التحلل، وللبحث في المساعدات الانسانية التي يمكن تقديمها الى الشعب اللبناني ودعم المؤسسات العسكرية. واعلنت الناطقة الرسمية باسم الخارجية آن – كلير ليجاندر “ان الاجتماع هو بهدف الضغط على الطبقة السياسية لانهاء ازمة الشغور الرئاسي”، محملة اياها مسؤولية هذا التعطيل ودعتها الى ايجاد مخرج للأزمة.
وسيشارك في اللقاء المرتقب مستشار الشرق الاوسط والعالم العربي في الرئاسة الفرنسية باتريك دوريل ومديرة مكتب الشرق الاوسط وشمال افريقيا في الخارجية الفرنسية آن غيغين ومساعدة وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الاوسط بربارة ليف والمستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا ومساعد وزير الخارجية القطري منصور العتيبي ومساعد وزير الخارجية المصري للشؤون العربية علاء موسى.
وهذه المرة الاولى التي تشارك فيها قطر التي يمكنها الاضطلاع بدور الوسيط مع ايران ومصر في هذه المجموعة التي تعمل على مستويات عدة، وقد قدمت رؤيتها للحل المتكامل في لبنان وتصورها لمواصفات الرئيس الجديد والحكومة والعمل مع الجهات الاقليمية والدولية لتجاوز الازمة اللبنانية. وكانت الاجتماعات السابقة دعت الى إعادة الاعتبار:
– الى الورقة الفرنسية التي طرحتها المبادرة الفرنسية بعد انفجار المرفأ.
– ضرورة الالتزام باتفاق الطائف.
– انشاء آلية مشتركة للمساعدات الانسانية.
– ضرورة القيام بالاصلاحات الشاملة في قطاعات المالية والطاقة وخصوصا المتعلقة بصندوق النقد الدولي لانها ستكون مفتاح الباب امام وصول الدعم الدولي ومكافحة الفساد والعدالة ومراقبة الحدود.
– وجوب حصر السلاح بمؤسسات الدولة الشرعية على ألّا يكون لبنان منطلقا لأي اعمال ارهابية تزعزع أمن المنطقة واستقرارها ومصدر لتجارة المخدرات.
– تعزيز دور الجيش في الحفاظ على الامن والاستقرار.
– انشاء صندوق للمساعدات الانسانية للتخفيف من معاناة الشعب اللبناني.
– اهمية انتخاب رئيس يكون بمقدوره توحيد الشعب والعمل مع الفاعلين الاقليميين والدوليين على تجاوز الازمة الاقتصادية والمالية والانسانية بما يخدم المصلحة العامة، وتمهيد الطريق لتطبيق الاصلاحات والاتفاق مع صندوق النقد الدولي.
وتعبّر باريس في هذا السياق عن قلقها، فالوضع خطير جدا وهناك مخاوف من تحوّل لبنان الى دولة فاشلة والذهاب الى المجهول. وهي لن تتخلى عن لبنان وتسعى الى توافق وطني واسع يجنب البلد ذيول الفراغ المتعدد المستوى في السلطة التنفيذية وانتخاب رئيس وتشكيل حكومة جديدة لتنفيذ الالتزامات التي تعهّدها لبنان امام صندوق النقد الدولي، ولا سيما اعتماد التشريعات بشأن “الكابيتال كونترول” والسرية المصرفية واصلاح القطاع المصرفي وتوحيد اسعار الصرف واستعادة عافية القطاع المالي واعادة لبنان الى مسار الازدهار والتقدم المستدام لكي يحظى بدعم مستمر من المجتمع الدولي، واعادة الثقة بالدولة اللبنانية من خلال الحاجة الملحّة لاعادة تشكيل سلطة كممر الزامي لقيام الدولة بمهامها.
فالفراغ الرئاسي، وفق وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا “ادخل لبنان في ازمة منقطعة النظير، وتتعدد اوجه هذه الازمة، فالنظام المالي ينهار في البلد واقتصاده يعاني أشد المعاناة واواصر المجتمع تتفكك و الوضع السياسي في طريق مسدود”. ودعت المسؤولين الى “الكفّ عن تعطيل الاصلاحات ومنع استنباط حلول تمهد لانتخاب رئيس للجمهورية… وقد استنفدت الازمة وقتا طويلا، فلبنان يعاني من استنزاف مواهبه وأُنهِك اقتصاده وبات البلد اكثر عرضة لتداعيات الاضطرابات الاقليمية والعالمية”.
وقالت قبل جولتها الخليجية الاخيرة: “ان الحل يتجسد ببساطة بانتخاب رئيس إجماع من اجل تحقيق مصلحة البلد”.
كما ان فرنسا لا تخفي على لسان مصدر في الخارجية قلقها من قدرات “حزب الله”، وترى في انتشاره العسكري تحديا للامن والاستقرار في المنطقة. وتعي “ان السلطة اللبنانية غير قادرة على ضبطه وان الحد من نفوذ الحزب يمر عبر تعزيز الحضور الاقليمي ودعم القوى الاصلاحية والاقتصاد”.
أما الغائب عن اجتماع باريس فهي ايران التي لها دور رئيسي مؤثر على العملية الانتخابية في لبنان من خلال “حزب الله” الذي حدد مواصفات الرئيس المقبل وقرر مرشحه. وكانت باريس تلعب دور الوسيط مع طهران، بيد ان الوضع تغير، فالعلاقات الفرنسية – الايرانية متوترة على خلفية الاضطرابات في ايران وملف الرهائن الفرنسية، اضافة الي الملف النووي الايراني والدعم العسكري الذي توفره طهران لموسكو.في حربها على اوكرانيا. ولا يتوقع ان تصدر عن هذا الاجتماع قرارات حاسمة بل توصيات وتوجهات يأمل المجتمعون ان تأخذها الطبقة السياسية على محمل الجد والقيام بما يطالب به الشعب اللبناني للخروج من الأزمة.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.