نقلا عن المركزية –
ليس خافياً ان الكثير من الجهات المعنية بدأت تكشف معطيات بالغة الجدية والخطورة حيال الاتجاهات التي قد تسلكها الأمور في الأسابيع المقبلة اذا مضت دوامة الإفلاس السياسي والعجز التام عن اجتراح مخرج للازمة الحكومية المستعصية على الحل بعدما جرى تباعاً اسقاط الوساطات والمبادرات الداخلية والخارجية المتعاقبة. ولم يكن التفاقم الواسع الذي طبع تلاحق الازمات الخدماتية والمعيشية والمالية في الأيام الأخيرة سوى انعكاس للتدهور السياسي الحاد الذي عاد يطبق على الازمة الحكومية، الأمر الذي فتح الأبواب على مصاريعها امام تفاقم الازمات في معظم القطاعات الخدماتية والاجتماعية واثار ذلك الخشية الكبيرة من ان تكون حقبة جديدة من التراجعات البالغة الخطورة قد بدأت مع شيوع الانطباعات المتشائمة حول استحالة التوصل الى حل يفتح الباب امام تشكيل حكومة انقاذية.
ولم تكن هذه الانطباعات في حاجة الى اثبات ما دامت كل الجهود المبذولة لإحداث خرق في الازمة الحكومية منيت بإخفاق مدو عقب تجميد مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري على يد رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل.
واذا كانت حركة التواصل ما بين حزب الله وباسيل استعادت زخمها امس تلبية لدعوة باسيل السيد حسن نصرالله لمعالجة الازمة، علم ان اجتماعا عقد امس بين باسيل ورئيس وحدة التنسيق والارتباط في الحزب وفيق صفا، لم يبلغ حد التوصل الى تسوية، بل اتفق خلاله الطرفان على متابعة التشاور، وتم البحث في افكار عدة سيحملها صفا الى بري والرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري ونصرالله، بحسب “النهار”.
وفي هذا الصدد، يتطلع اللبنانيون إلى نتائج اللقاء الذي عقد مساء امس الثلاثاء، والذي جمع باسيل بالقيادي في حزب الله وفيق صفا للبحث في حل كل الخلافات القائمة. خصوصاً أن حزب الله كان قد أبلغ باسيل بأن أي خلاف لا بد من حله ومعالجته في اللقاءات الثنائية، ولا حاجة لإثارتها في وسائل الإعلام.
ويفترض باللقاء أن يكون قد وضع النقاط على الحروف، ويمهد لتهدئة بين حركة أمل والتيار الوطني الحرّ. ويمكن أن يمهد لزيارة يجريها باسيل إلى عين التينة، أو لعقد لقاء بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس نبيه برّي، في حال نجح حزب الله في إرساء التهدئة، بحسب “القبس”.
ومع انكفاء الطبقة السياسية الممسكة بزمام الأمور، تظهر كل ساعة، وكل يوم مظاهر الفساد، وفصوله، ووقائعه، سواء على مستويات الدولة وكبار الموظفين والمؤسسات والمرافق العامة. واللافت، في الوضع هو بروز ثلاثة تيارات في ما خص تأليف الحكومة:
1- حلف بين عين التينة والرئيس المكلف سعد الحريري، في ما خص مبادرة الرئيس نبيه بري، الماضي بالتمسك بها إلى النهاية، وهذا الحلف أشبه «بالحلف المؤقت» بعد وحدة الموقف، والاتحاد بين الرئيس بري والحريري.
2- حلف غير خفي بين التيار الوطني الحر وحزب الله، وإن بدا الحزب يمسك العصا من الوسط، مع دعم مباشر من فريق سياسي، على ارتباط بعاصمة معنية، لقصر بعبدا، والتيار الوطني الحر.
3- تيار ثالث، يعبّر عنه النائب السابق وليد جنبلاط يجنح إلى التسوية مع بعبدا، وتأليف حكومة، مقابل تنازلات متبادلة، وفقاً لمقتضيات التسوية.
على جبهة بعبدا، يتحدث زوار القصر عن أن الرئيس ميشال عون يدرس بعض الخيارات، بدءا من الاسبوع المقبل، وفي ضوء ما تصل اليه الاتصالات الجارية مع حزب الله، عبر النائب باسيل، الذي رمى كرة النار إلى الأمين العام لحزب الله.
وهذه الخيارات تتعلق «بلعبة قانونية» لسحب التفويض النيابي للرئيس المكلف تأليف الحكومة، في ضوء وساطة حزب الله بين بري وباسيل.
وقالت مصادر متابعة لعملية تشكيل الحكومة ان التواصل بين الأطراف المعنيين بعملية التشكيل متوقف حالياً، باستثناء اتصالات جانبية غير معلنة في حين انحصرت الاتصالات خلال اليومين الماضيين بين مسؤولين في حزب الله ورئيس المجلس النيابي نبيه بري لتطويق الاشتباك السياسي العالي النبرة مع رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل ومنع تفاعله نحو الأسوأ. وقد نجحت الاتصالات في إبقاء ما حصل ضمن اطار محدود، وتجنب معظم النواب والقياديين من الجانبين التعليق على الخطاب الأخير لباسيل.
وأشارت المصادر بحسب “اللواء” إلى انه وبرغم حدة الاشتباك السياسي بين بري وباسيل وحساسية الموقف الذي أعلنه باسيل بتفويض الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله بما يقبله بخصوص حصة الرئيس عون الوزارية ومن خلاله حصة التيار الوطني الحر، وما تسبب فيه من إحراج واستياء ملحوظ داخل الحزب، جراء هذا الطلب، فان مقربين من الحزب أكدوا أن التوجه لديهم هو المحافظة على العلاقة التحالفية المميزة مع سائر الحلفاء وفي مقدمتهم بري، وعدم السماح لأي كان التأثير سلباً على هذه العلاقة أو إحداث اي شرخ فيها، وفي الوقت ذاته ابقاء خطوط التواصل مع التيار الوطني الحر قائمة، لأجل التفتيش عن حل للازمة بأسرع وقت ممكن. ولذلك لم يتوقف التواصل مع رئيس التيار الوطني الحر لهذه الغاية برغم الأثر السيئ لموقفه الأخير لدى الحزب، وتمّ التفاهم على ايفاد أحد مسؤولي الحزب للقاء باسيل والاستفسار منه عن المضامين الأساسية لموقفه الأخير، والتباحث معه أيضاً في ضرورة إحداث اختراق بملف التشكيل.
وظهر جلياً أن الاستياء من خطاب باسيل الأخير، لا يقتصر على حزب الله، حليفه التقليدي، بل تعداه بأشواط كثيرة داخل الأوساط المسيحية التي عبّر مسؤولوها عن سخطهم الكبير على رئيس التيار الوطني الحر، الذي فاجأ اللبنانيين، بموقفه هذا، فيما كان يدّعي قبل أيام معدودة في مجالسه الضيّقة، رفضه دعوة نصر الله للتعاون لأجل تنفيذ مبادرة بري حفاظاً على حقوق المسيحيين، وفي الوقت نفسه، كان يرفع سقف انتقاداته للحزب، ويعتبر انه انحاز عن تحالفه مع التيار ودعم تكليف الرئيس الحريري بتشكيل الحكومة العتيدة، وأخيراً دعم مبادرة الرئيس بري لحل الأزمة الوزارية، وكل ذلك لمواجهة رئيس التيار الوطني الحر ولو بشكل غير مباشر.
وعلم أن اجتماعاً عقد مساء امس بين باسيل ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا، لمتابعة البحث بالوضع الحكومي وتذليل العقبات.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.